حديث ما قبل الانتخابات: من أين لك هذا..؟

لم يبق الا يومان وتبدأ انتخابات مجالس المحافظات.. ومثلها مثل انتخابات البرلمان العراقي وقبلها مجلس الحكم وما الى ذلك من الأشكال التي ابتلينا بها بمباركة من ولي الأمر (بريمر)..
الانتخابات قادمة.. وستنتهي، وسيصعد آخرون، قد نعرف بعضهم، لكن الأغلبية منهم لا نعرفهم، ولا نريد أن نعرفهم!! فما تجرعناه بالأمس يكفينا كي نئن لسنوات عدة قادمة.. وسيأتي مسؤولون آخرون، يستلمون المحافظات ومجالسها بينما يغادرها من سبقوهم بغنيمة لا حد لها ومنهم من يغادرنا الى الشرق ومنهم الى الغرب ويبقى العراقي على التل حائراً ذليلاً متعباً بعدما جعله أولئك اللاعبون سلماً للدخول الى مغارة علي بابا..
لا نريد ان نسأل فالجواب معروف.. لماذا لم يُسأل المحافظون السابقون واعضاء مجالس المحافظات عن المبالغ التي أهدرت وضاعت دون أن يلمس العراقي شيئاً منها…
لا نريد أن نسأل احداً فالجميع مشغولون بالأرباح والرواتب والمغريات والأمتيازات فالذي راتبه بالملايين كيف يسأل عن ابناء الفقراء وعذراً للعراقيين الذين أنا واحد منهم واتشرف بذلك لكننا ما زلنا نجتر جبننا حتى اصبحنا اجبن خلق الله…
كيف يفلت منا من يسرقنا والسرقات واضحة وضوح الشمس.. فمليارات الدولارات التي خصصت هنا وهناك لم تبنِ مدرسة، ولم تؤسس مركزاً صحياً ولم تبلط شارعاً ولم تشبع جائعاً ولم تفرح يتيماً.. بل زادت أصحاب الكروش كروشاً وزاردتهم فللاً وعمارات وارصدة في مصارف العالم..
كل ما يقرره أعضاء مجلس النواب هو باسم الشعب، فأي شعب هذا الذي يرضى بما لا يرضاه الله.. ايحق لشعب جائع أن يعطي صلاحية لسياسي ان يحصل على راتب يعد بالملايين (ولا نريد أن نذكره خشية على أصحاب القلوب الضعيفة من ابناء شعبنا) بينما يتضور هو وعياله جوعاً.. من خولهم على الحصول على تلك الامتيازات بينما هناك وجهة نظر براتب الموظف الغلبان…! كان الله في عونك أيها العراقي الشريف.. كان الله في عونك بصبرك وجلدك ولا اعتقد ان سكوتك هذا جبن لأننا لم نرك جباناً لكن العهود المظلمة جعلتك تردد (أنا شعليه.. خليها تطلع من غيري!).. فمن غيرك الذي يقف في وجه من يريدون أن ينهبونك باسمك.. وبأسمك يفصلون ويلبسون كما يريدون…
من اين لك هذا…؟ قانون كما تمنينا أن يطبق في العراق لفرغ العراق من كثيرين.. هذا القانون هو قانون العدالة الإلهية.. فالشعب البسيط الذي تنطلي عليه اللحى والعمائم والتكبيرات من كلا الجانبين من العار أن نمد يدنا في جيبه ونسرق ما بقي فيها من خبز…
لم يامرنا الله ان نكون وكلاء له في الأرض ونشبع عياله جوعاً.. الله يتبرأ ممن يظلم الآخرين وممن يسرق الآخرين.. والله برئ ممن يستغل طيبة هذا الشعب المسكين (الخطية) ، رحمك الله ابا غيلان وانت تقول (الموت أهون من خطية!).
لا نريد ان نقترح، أنما هو حقنا في أن نقول ما نراه واجبا وصحيحاً.. على حكومتنا أن تقوم بما يلي:
1- محاسبة مجالس المحافظات السابقة عن الإخفاقات التي حصلت خلال فترة استلامها المسؤولية ومقارنة ما خصص من مبالغ للمحافظات مع ما انجز من مشاريع مع ذكر اسماء الشركات والمقاولين والأشخاص الذين شاركوا في تلك المشاريع..
2- جرد الأموال المنقولة وغير المنقولة لأعضاء مجالس المحافظات الجدد ولأعضاء البرلمان أيضاً ووضعها تحت يد جهة قضائية لحين انتهاء فترة المجلس أو فصل اي عضو لمعرفة ما زاد من أموال وهل كانت الزيادة طبيعية أم من فعل فاعل!!
3- تحديد مخصصات لعضو مجلس المحافظة ولعضو البرلمان لا تزيد عن مبالغ رمزية للنقل مع احتفاظه براتبه الذي كان يتقاضاه من دائرته قبل فوزه بالانتخابات فليس من المعقول أن يكون راتب المعلم المستمر بالخدمة 300 ألف دينار والمعلم الآخر عضو البرلمان أكثر من 15 مليون دينار!! هل هذا هو الحق الذي ضحينا من اجله وقدمنا الدماء الغزيرة من اجل أن ينعم الجميع بالمساواة.. وأي مساواة هذه..؟
عليه فنحن لا نريد الا المساواة بين جميع العراقيين ، مواطنين ومسؤولين، والامتيازات يجب أن تكون مقبولة وطبيعية لا ان تكون بقدر ميزانية نيروبي! وبهذا سنجنب وطننا كثرة المرشحين وتقاتلهم من أجل فوزهم بالغنيمة على حساب المواطن البسيط.. ذلك لأن الثقة العمياء بهذا او ذاك قد ولّت من زمان بعدما اصبح مثل بعضهم في الحياة (كلمن يقرّب النار الى خبزته!) ..

الحوار المتمدن-العدد: 2543 – 2009 / 1 / 31

Share: