العراق الجديد.. صور ما قبل الأنتخابات

• صورة رقم (1):
حين ترجل من باص الأجرة لم يكن الرجل الذي كان جالساً بقربي قبل لحظات يعرف أنه سيتوقف عند اللافتة الكبيرة التي تمتد من أقصى اليسار الى أقصى اليمين من الشارع المزدحم..شاهدته يقف مبهوراً أمام السطرين المكتوبين باللون الأخضر..من نظراته عرفت انه لا يفقه منها شيئاً..وعندما اقتربت منه رايته يمسح لحيته بيده التي بدت مثل جذع يابس..
قال لي: هل تقرأ لي ما مكتوب؟ 
قلت: انها دعوة لانتخاب قائمة…..
قال: أية قائمة..؟
قلت: قائمة لكيان سياسي..
قال: وما هو الكيان السياسي؟
قلت: هو مجموعة من الشخصيات الوطنية التي تقدم نفسها للناس من اجل خدمتهم..
قال: هل اصدق كلامك؟
قلت: لِمَ لا تصدقه؟
قال: أهناك من يخدم الناس في هذا البلد؟
قلت: كثيرون يريدون خدمة الناس ونحن نضع ثقتنا بهم..
قال: لم اسمع كلاماً مثل الذي تقول لقد عشت حياتي مثل بقرة حلوب كل أصابع المسؤولين تحلب بي حتى وأنا أطالب بحقوقي..
قلت: ذاك زمان يا عم إنسه وامنح نفسك فرصة العيش من جديد..
قال مبتسماً: أنظر الى هذه.. معاملة تعويض الأرض التي سلبها صدام مني وخربها، للآن لم يمنحني احد حقي وتريدهم يخدمونني اليوم..
قلت بعد ان وضعني في إحراج شديد: انتظر الحكومة القادمة..
قال ضاحكاً هذه المرة: أية حكومة؟ منذ ان سقط صدام والناس يقولون لي انتظر الحكومة الجديدة.. أين هي الحكومة الجديدة؟
قلت: هي قادمة يا عم.. عليك بالصبر.. ستكون هناك حكومة ودستور دائم وأعمال بناء وسترى العراق جنة الله على الأرض..
هزّ يديه ساخراً مني وقال: عيش يا …………!!
• صورة رقم (2):
كل المدينة تشير الى الانتخابات في العراق، الشوارع والساحات، جدران المدارس والبيوت.. كلها تشير الى العملية الديمقراطية القادمة.. ولكي يفسح الأب (س) مجالاً لعائلته في أن تجتمع في يوم الانتخابات أرسل بطلب ولده المهجّر الى إيران، وعاد الولد مثل كل الأبناء الذين عادوا، عاد بطريقة مشروعة جداً، حاملاً كل أوراقه الرسمية على أمل أن يلتقي بأبيه وأمه وأخوته، وأن يلتقي العراق الكبير بصدره الرحب.. ولكن.. لم يصل (الولد) الى بيته بعد وصوله الى مخفر الشلامجة انما كان ضيفاً لستة أيام في احد سجون المدينة بحجة التأكد من هويته وصدور أمر القاضي بإخلاء سبيله..
الولد قال لي: كنت أظن أن العراق سيأخذني بالأحضان لكنه أخذني بالقضبان!!
قال أبوه: لقد كانت معاملتهم معه جيدة جداً. 
• صورة رقم (3):
سألني صديق وقد ظهر انه حائر بصدد آلية الإنتخاب.. كيف سيتم أجراؤها، ومن سينتخب؟.. قلت له: عليك أولاً أن تقرا كل الأسماء الموجودة في قوائم الإنتخابات.. كل الكيانات السياسية وأسماء المستقلين.. عليك ان تتأكد من كل الشخصيات الوطنية وان تقتنع بمن تريده سنداً لك وهم كثيرون.. وعليك أيضاً ان تعرف رقم القائمة التي ينضوي تحت لوائها الشخص الذي اخترته وفي يوم الأنتخاب عليك أن تؤشر القائمة بإشارة واحدة لا اثنتين ودون شطب أو مسح فبذلك ستكون قد أديت دورك الوطني الذي نأمل ان يكون ايجابياً..
• صورة أخيرة:
صوتك مستقبل.. هذا ما نسمعه اليوم ونتمنى أن يكون لهذا الصوت دوياً في المستقبل وأن يكون هو الآخر مؤسساً لمجتمع مدني خالٍ من الإرهاب والاعتداء والبغضاء والتناحر والخال وابن أخته.. نأمل أن يكون عراقنا دون تدخلات من الأصدقاء والأشقاء جيراناً أو بعيدين.. ونأمل كذلك أن تبدأ حملة البناء الحقيقي الجاد البعيد عن الربح لحساب هذا او ذاك فيكفينا ان يربح العراق في معركته الديمقراطية.
(العراق- البصرة)

الحوار المتمدن-العدد: 1388 – 2005 / 11 / 24

Share: