في الدائرة.. الرأي العام

منذ ان كنا صغاراً تستهوينا تلك المشاهد التي نرى فيها الناس وهم يحملون رايات وشعارات منددين بعمل ما اتخذته حكومتهم، واكثر ما كنا نستغرب فيه هو ذاك الإصرار على اتهام الحكومة او الوزير الفلاني دون ان يتلفت الشخص يميناً ويساراً خشية ان تقتاده يد المخبرين ورجال الأمن الى دهاليز السلطة المعتمة.. كانت تلك المشاهد والتي تعرض عادة في الأخبار أو عبر برنامج اسبوعي يعرضه تلفزيون الكويت باسم (نافذة على الأسبوع) والتي تبدأ بشخص كاريكاتوري يفتح نافذته، ربما شكله الرسومي هو الذي جعلنا نتسمر قرب الشاشة.. هذا الأمر يجعلنا بعد سنوات عدة نفكر بالرأي العام، ورأي الشارع في البلاد العربية، ففي الغرب يمكن ان تنتقد أداء الوزير الفىني دون أن (يذهب جلدك الى الدباغ) ولكن في بلادنا لا يمكن ان تنتقد مدير مدرسة او مدير بلدية أو أي موظف مهما قلّت وظيفته فذاك سيعرضك للعقوبة لا بل أن هناك مادة في القانون الوضعي تعرض من يتطاول على موظف خدمة عامة الى عقوبة شديدة! لهذا فقد سكتنا دهوراً دون ان ننبت ببنت شفة، ودون ان نقول ان السلطان جائر، وان السيد الرئيس غير عادل، وأن موظف الطابو يأخذ رشوة!! ولم يكن حينها (وربما لليوم) اهتمام بالرأي العام.. لا بل أن لا رأي للرأي العام ولا أحد يستمع للرأي العام حتى وإن علا صراخه وهو ما شاهدناه منذ سقوط النظام السابق وموجة التظاهرات شبه اليومية تخترق شوارعنا دون ان يمدّ مسؤول رأسه من خلال نافذة الدائرة المعنية ليستفسر عن مطالب المتظاهرين، وربما وجد ذاك الموظف الذي يخرج للمتظاهرين ليأخذ منهم قائمة (طويلة وعريضة) من المطالب المشروعة بغية تقديمها الى المسؤولين لكنه ومجرد عبوره الباب الداخلي لمبنى الدائرة المعنية حتى يمسح بتلك المطالب مقدمة حذائه.. كم تظاهرة خرجت.. وكم صوت بح.. وكم نضحنا من عرق في الشارع ونحن نهتف.. ونصيح ولكن لا حياة لمن تنادي..

لماذا لم يؤخذ برأي الرأي العام؟ لماذا لم يؤثر الشارع برأي الحكومة؟ لماذا لا يحترم رأي المواطن العراقي المطالب بحقوقه المهدورة؟ كل تلك الأسئلة لا يجيب عليها الا المواطن نفسه وهو يبصم لأعضاء الجمعية الوطنية القادمة (بعد ثلاث سنوات ان شاء الله) ليختار من يسمع صوته ورأيه لا ان يكتفي بمقعد اثير وراتب مثير وتصريحات رنانة.

2004

Share: