المقدس بين الأصالة و التحريف في العرض المسرحي ( حور طين ) تأليف عبدالكريم العامري إخراج رضا عبد ابو الذر بقلم: مرتضى ساجد

تقوم موضوعة العرض الأساسية على الصراع بين جانبين هما جانب الأصالة و جانب التحريف، حيث تمثل شخصية الضمير التي أدخلها المخرج لتكشف عن الجانب النير في بيئة العرض و تؤطر جانب الأصالة للمقدس بقراءة بعض آيات الذكر الحكيم ذات المعاني الصريحة التي تحرم القتل والفساد في الأرض، وكذلك تعتمد الشخصية على الإنشاد وقراءة بعض الحكم التي من شأنها أن تيقظ فكر ووعي المتلقي، بينما تمثل شخصية الشيخ جانب التحريف الذي تم استخدامه من قبل بعض الحركات الدينية المتطرفة لأغراض ومصالح سياسية، تدور أحداث العرض حول شخصين يلتقيان في العالم الآخر بعد تنفيذهم لعملية انتحارية، السبب في مقتلهم واحد و هو الشيخ حيث قام باستغلال الأول فكرياً ووعده بزوجة من الحور العين في حال تنفيذه لعملية إنتحارية، وقام بابتزاز الثاني ووضعه أمام خيارين إما الفضح أو تنفيذ عملية إنتحارية ليقوم الأخير بتفيذها، منذ انتقال الشخصين الى العالم الآخر وهم ينتظرون قدوم الشيخ الذي قام بخداعهم وهم يحملون له الضغينة والحقد ويتوعدون بأخذ حقهم منه ولكن بعد فوات الأوان فهم في نار جنهم سيلتقون معاً..
أما فيما يخص الأسلوب الإخراجي والأداء التمثيلي … فقد هيمنت الصورة على بيئة العرض المسرحي، حيث أجاد المخرج رضا عبد ابو الذر في توظيف الصورة الرمزية منذ بداية العرض في المشهد الأول حيث كونت المجموعة بتناسق تام مع الديكور الذي هو إطارين رقم ١٧٠٠ والذي يرمز لشهداء سبايكر الأبرار ومثلت شخصية الشيخ الشخصية السياسية التي كانت خلف هذه المجزرة وذلك من خلال نفخ البودرة عليهم بحركة ترمز إلى بيعهم لقوات الظلام داعش، وفي صورة أخرى أستخدم المخرج الحوار بلهجة قريبة للغة الفارسية مرة ومرة أخرى بنشيد خليجي دلالة على التدخلات الخارجية، وفي صورة أخرى استطاع المخرج توظيف الجسد من خلال الموسيقى التركية والرقص على انغامها وهي صورة أيضاً تحسب للمخرج وإمكانيته العالية في التعامل مع المجموعة المتناسقة في الحركة والايقاع على خشبة المسرح، وكذلك في نهاية العرض حيث جعل الشخصيات الأساسية الثلاث يلاقون حتفهم على الإطارات التي تدل على الحركة السياسية المعاصرة وجعل المجموعة يلقون عليهم قطعة قماش سوداء شكلت مع الموسيقى وحركة الممثلين النهاية السوداوية لهذه الزمر التي تستغل الدين استغلالاً سياسياً من خلال غسل الأدمغة بطريقته السلبية، كما لا نغفل عن أداء الممثلين الأساسيين رغم وجود بعض الهفوات اللغوية التي من شأنها أن تقلل من قيمة العرض وتصيبه بالفتور، ولكن الصور الإخراجية التي وظفها المخرج كانت كفيلة بتلافي هذه الهفوات والتي من شأنها أن تدل على أن خلفها مخرجاً عارفاً بمفهوم الإخراج ومطلعاً على المدارس الإخراجية بطريقة أكاديمية واضحة …. وفي نهاية المطاف يعتبر هذا العرض من العروض التي نستطيع رؤية المخرج فيها على خشبة المسرح من خلال صوره ورؤيته الإخراجية والفكرية
شكراً للمخرج رضا عبد ابو الذر وشكراً لجميع كادر العمل على هذا العمل الهادف والممتع واتمنى لهم مزيداً من التوفيق والتألق في قادم الأعمال

لمشاهدة المسرحية كاملة

Share: