البنزين والفيدرالية

لست حصيفاً بالمسائل الإقتصادية ولا أعرف عن الإقتصاد الا النزر اليسير وربما ذاك المتعلق باقتصادي الشخصي والعائلي وما يلحقه من مدخولات ومصروفات تلك التي تقصم أحياناً الظهر وأتذكر ذات يوم حين اتخذت قراراً لأسرتي يقضي بشد الأحزمة على البطون وتقليل مصروف جيب العيال كان ذلك ابان الحصار المقيت في تسعينيات القرن الماضي، ذاك القرار الذي هزّ استقرار الأسرة بكاملها فبدأ الزلزال من أم العيال ولم ينته بابني المهدي الصغير، كنت حينها مضطراً خاصة بعد ان بعت كل كتب مكتبتي، وبعض حاجيات البيت يوم كانت المؤسسة الثقافية لا تروج لكتاباتنا، آنذاك حاولت تصحيح الخطأ بعد يوم واحد من القرار خشية أن ينهد سقف البيت على رأسي.. ذاك القرار الإقتصادي البسيط تذكرته وأنا استمع لقرار حكومتنا الموقرة بزيادة أسعار الوقود (البنزين) الى ثلاثة أضعاف سعره وهو ما يمكن اعتباره حملاً ثقيلاً يضاف الى احمال العائلة العراقية التي كانت تنتظر الخير من الوضع الجديد خاصة أن اللون البنفسجي، لون الإنتخابات، ما زال يلون سبابات العراقيين.. القرار الصعب الذي اتخذته الحكومة العراقية كان صعباً بحق ، وكان مرهقاً للناس اذا علمنا أن المتضررين من القرار هم أبناء العراق المساكين الذين خرجوا في يوم الخامس عشر من شهر كانون الثاني الجاري جماعات لكي يتحدوا الإرهاب ويقولون للعالم نحن شعب واحد سنختار حكومتنا من ابنائنا العطوفين على عوائلنا الحريصين على مستقبل عيالنا الواقفين معنا في السراء والضراء.. وفي البصرة العراقية كما في باقي مدن العراق خرج عراقيون بتظاهرات صاخبة، يطالبون بحقهم الذي أخذ منهم وبالعبء الثقيل الذي اضافه قرار الحكومة الذي وصفه بعضهم (المخيب للآمال)، وحسناً فعلت حكومة البصرة اذ كسرت قرار بغداد المجحف بحق ابناء البلد الذين ضحوا من أجل حريتهم وكرامتهم وراحة عوائلهم.. واكدت لأبناء الجنوب أن الفيدرالية ضرورة ملحة في هذه المرحلة وذلك لكسر القرارات الفردية التي تصدر من بغداد ونحن هنا لا نريد أن نثقف للفيدرالية وندعو لها.. لكننا لمسنا أهميتها في قرار رفع اسعار البنزين حين اخبرنا الناس هنا في البصرة العراقية أنهم ممتنون لحكومة البصرة بكسرها قرار زيادة أسعار محروقات الوقود وهم يؤيدون أن تأخذ البصرة وكل المدن العراقية المظلومة حقها حتى من الناس الذين ايدوهم في الإنتخابات الماضية.
لقد اثبتت قضية البنزين ان الفيدرالية ضرورة ملحة وان الإقتصاد ممكن أن يدعم الوعي الشعبي بالإتجاه الذي لم يكونوا قد انتبهوا اليه..
الم اقل لكم انني لست ضالعاً بالإمور الإقتصادية؟

الحوار المتمدن-العدد: 1406 – 2005 / 12 / 21

Share: