قانا.. الدم العربي المبارك

لم يكن مفاجأة ابداً ما حدث في قانا قبل ايام، فقبلها بسنوات حدث ذات الشيء، وخرج العرب من كل فج عميق مستنكرين مطالبين بالقصاص من الصهاينة الجناة، ومنذاك لم يقتص من أحد ولم يؤخذ حق اية ضحية من الأطفال التي قتلتهم آلة الدمار الاسرائيلية.. تماماً كما يحصل في جميع مدن الأمة العربية (المجيدة)! فتلك الأحداث اثبتت مع ما أثبتته من اشياء كثيرة، اثبتت (توحد العرب) بالبكاء والنحيب وشعارات الثأر القبلية، واثبتت كذلك حجم الهوّة بين (الحاكم العربي) و(المحكوم العربي)!.. واثبتت ايضاً أن (امة العرب) لا يمكنها ان تقف صفاً واحداً ابداً ما دام الدم العربي حلال في هذا البلد وحرام في ذاك، ومن حق هذا العدوان ان يقتل وينتهك الحرمات ولا حق لذاك ان يقتل وينتهك الحرمات ويهدم المنازل.. والدليل في ذلك، ان دور اهلينا حين هدمت في زمن التهديم و(تباً للمستحيل) لم تنهض العروبة من مخدعها، ولم تستنكر الأعمال الاجرامية التي تجرعناها سماً زعافاً.. ولم يقف أي سياسي عربي، او فنان عربي مع العراقيين، لا بل ان كثيراً من الفنانين والكتاب العرب قاموا بزيارات مكوكية بترولية الى العراق ليهتفوا للقائد (الضرورة)، مثلما هتف لطفي بوشناق وسميرة سعيد ورغدةو..و.. والقائمة تطول، حتى نفخوا في الديناصور الورقي العراقي وجعلوه ياكل صغيرنا وكبيرنا ويقتص من شريفنا ووجيهنا وعالمنا ومثقفنا.. هكذا هو الواقع العربي، وهذا ما أرادوه الحكام لنا، وجامعتنا التي لم تجمعنا أبداً ما زالت تغفو في (الحلم العربي) الذي نزف من أجله الأحرار دماً طاهراً..
القدريون يقولون أن قدر العرب أن ينزفوا مزيداً من الدماء.. الآخرون يقولون أن الحرية لا يمكن أن تتحق الا بمزيد من الأرواح والأنفس.. وآخرون يقولون أنه لا بد من تطعيم (النضال) بدماء الأبناء الذين لم يشهدوا سوى ايام القتل والموت والترهيب.. الجميع يتفق على ذلك وليتهم اتفقو على لبناء والسلام والمحبة والألفة وما الى ذلك من مفردات تريح النفوس والعقول وتفتح الآفاق أمام اجيالنا القادمة..
ما شهدته قانا، وما يشهده العراق يومياً من قتل جماعي لا يوجد له مثيل في كل مدن الأرض، يشير الى الخطر الكبير المحدق بنا، ولا نعتقد ان هذا الخطر سيتجاوز من يظن أنه خارج دائرة الخطر.. كلنا مرشحون للموت، وبشتى الوسائل اذا رضينا بالحال.. وكلنا مبتلون بالفوضى والدمار اذا ما استسلمنا للإرهاب الدولي المنظم من قوى كبيرة وصغيرة.
علينا أن نقول الحق، وأن ننظر الى الدم العربي سواء، فلا يوجد دم عربي حلال وآخر حرام.. ولا يوجد شعب مكتوب عليه أن يموت وآخر يعيش.. لا تبرروا القتل فما خلقنا الا لنكون أحراراً ليس بوسائل القتل أنما بالعقل الراجح. 

الحوار المتمدن-العدد: 1647 – 2006 / 8 / 19

Share: