من ملفات الاعلام العراقي (1) الطارئون

يعيش الاعلام العراقي تحولاً كبيراً لم يشهده من قبل خاصة بعد الانفجار الواسع بعدد الاصدارات من الصحف والمجلات وانفتاح العراقيين على الإنترنيت.. ما جعل الأمر يبدو غريباً لكن المتتبع لما جرى للإعلام بعد سقوط الديكتاتورية وانهيار الاعلام الشمولي المرتبط بدائرة واحدة لا يمكن الخروج عنها يعرف جيداً اسباب التدني الواضح في مستوى الاعلام في العراق والذي يؤثر تأثيراً مباشراً وحاداً في اختلال ثقة المواطن بوسائل الاعلام المحلية مرئية كانت او مسموعة او مواقع الانترنيت.. واحدة من أهم الاسباب هي قضية الطارئين على الاعلام.. ففي العراق افواج كبيرة وحشود من الذين يدعون العلم بالاعلام ومعرفة زواياه لكنهم لم يأتوا اليه الا لكي يحققوا مآرب شخصية وانتفاعات لا حصر لها ما يشكل عبئاً كبيراً على سير حركة الاعلام الوطني..
الطارئون يعشعشون في كثير من وسائل الاعلام.. في الصحف وفي التلفزيون والمحطات الفضائية (ما شاء الله) مليئة بهم.. وهؤلاء يستخدمون طريقتين لا ثالث لها.. الأولى هي التعكز على كتابات الآخرين، خاصة في مكاتب المحطات الفضائية في المحافظات حيث لا يتطلب من الاعلامي (الفلتة) الا ان يدخل الى الانترنيت ليأخذ تحقيقه أو تقريره ويرسله على أنه هو صاحب الجهد ي هذا.. وهناك كثير من الأمثلة لا اريد ان أصرح بها خشية أن اكشف المستور وازكم الأنوف بالرائحة النتنة لمثل هؤلاء الطارئين.. والغريب بالأمر أن الطارئين على الإعلام يعشعشون بطريقة مخيفة ويقنعون مرؤوسيهم بأنهم الأفضل (باستخدام السنتهم طبعاً وتملقهم الذي لا ينطلي على نبيه) ويكذبون كثيراً دون ان يعلموا ان حبل الكذب قصير ما يشكل مثلبة كبيرة على الوسيلة الاعلامية التي يعمل بها.. والأمر الثاني الذي يستخدمه الطارئون هو الاعتماد على كاتب معين وبعد ان يستغل ذاك الإعلامي (الفحل) حاجة هذا الكاتب الى المال لمعيشة عياله لظروفه الخاصة يستخدمه ككاتب له، يأتيه بعنوان الموضوع ليأخذه منه كاملاً وهذا معروف في الوسط الاعلامي والأدبي دون ان يشير اليه احد وهناك امثلة ايضاً لا نريد ان نذكرها ليس رأفة بهذا الإعلامي (الفحل) او ذاك، انما رأفة للكاتب المسكين الذي يتخذ المقهى وطناً له ومنه يُحلب ولا حول له ولا قوة..
الطارئون استفحلوا في الوسط الاعلامي، ومنهم من حصل على وظيفة محترمة في وقت ان كثير من الكتاب العراقيين الحقيقيين يتضورون جوعاً وذلة في داخل وخارج العراق.. وعلى المؤسسات الاعلامية ان تفرز وتقرر ما يخدم الاعلام العراقي بصورة عامة وليس ما يخدمها هي فقط وبهذا نكون قد جنبنا أنفسنا الوقوع في دائرة تهشيم مصداقية الاعلام الوطني الذي نتمناه.. ونضع كل انسان في الخانة التي يستحقها.

الحوار المتمدن-العدد: 2096 – 2007 / 11 / 11

Share: