مسرحية بيضة الملك
شخوص المسرحية:
1- الملك
2- زوجة الملك
3- الوزير
4- قائد الشرطة
5- كاتب المملكة
6- المهرج
7- بائع الدجاج
8- زوجة بائع الدجاج
9- العرّاف
10- منصور صديق العرّاف
11- رجل1
12- مجموعة جنود
13- مجموعة من الناس
المشهد الاول
(في بلاط الملك)
الملك واقفا وهو في حالة قلق، فيما يقف الوزير خلفه وهو ينظر اليه، الملك يتحرك في مساحة المسرح والوزير يتحرك خلفه، الملك يتوقف..
الملك: أما زلت تقف امامي ولا تفعل شيئا..؟
الوزير: أرسلت قائد الشرطة للبحث عنه..
الملك: أين ذهب ذلك المعتوه..؟
الوزير: لا تقلق يا مولاي سيأتون به..
الملك: يومان وأنا انتظر..كيف لم تتمكنوا من ايجاده..؟ في مملكتي لا يمكن ان يغيب أحد عن عيون حراسي.. كل شيء يجب ان اعرفه قبل ان تعرفه الناس..
الوزير: لكنها اشاعة يا مولاي..
الملك: (ينظر له بغضب) اشاعة..؟ لا يوجد دخان بدون نار..
الوزير: ألقينا القبض على بعض مروجيها..
الملك: أريده هو..لا اريد غيره، آتوني به..ذلك العرّاف البائس..
الوزير: سيجدونه مولاي، سيجدونه..وسيكون بين يديك اليوم..
الملك: (محذرا) اليوم وليس غداً..!
الوزير: سأذهب بنفسي الآن لأبحث عنه..
الملك: لا تأت الا وهو معك وإياك أن تزجره او تهينه، عامله بلطف..
الوزير: أمرك مطاع يا مولاي..
الملك: (يكتفي بالنظر اليه بينما يخرج الوزير مسرعا)
الملك: (مع نفسه) دجاجة سوداء بريشة بيضاء واحدة، تبيض كل عام بيضة واحدة تعيد إليّ الشباب…أين أجدك ايتها الدجاجة..؟ لماذا لم يخبرني العراف بذلك..؟ لماذا أخفى عني أمر الدجاجة لأسمعها من العامة..؟
(يدخل الكاتب)
الكاتب: مولاي، كل الرسائل التي طلبتها للبحث عن العراف ارسلتها للاقاليم..
الملك: حسنا، ومتى تصل اليها..؟
الكاتب: لن تصل رسالة الاقليم الشمالي قبل سبعة ايام، اما الاقليم الجنوبي فستصل لهم بعد يومين..
الملك: اذن خصصوا جناحا للعراف سيقيم معنا، وجناحا ملكيا للدجاجة..
الكاتب: (بذهول) جناحا للدجاجة..
الملك: (مؤكدا) لدجاجة الملكية ستحل علينا ضيفة.. شددوا الحراسة على جناحها وليكن الحراس من حراسي الشخصيين.
الكاتب: (ما زال غير مقتنع) أمرك يا مولاي..
الملك: هيأوا لها الطبول والمزامير سيحتفل شعبي شهرين كاملين بمقدم الدجاجة الملكية..
الكاتب: حسنا يا مولاي، طبول ومزامير..
الملك: اكتب هذا وارسله الى كل الاقاليم، حتى الاقليم الغربي..!
الكاتب: (بذهول) الغربي ايضا يا مولاي..؟
الملك: اكتب لهم ايضا..
الكاتب: لكنه اقليم استقل قبل عام ويحكمه اخوك يا مولاي..
الملك: ساستعيده…سأجند الجيوش لاستعادته الى ملكي..
الكاتب: لدينا معهم وثيقة شرف واتفاق..
الملك: بمقدم الدجاجة الملكية ستلغى كل الاتفاقيات..
الكاتب: (يقف مذهولا)
الملك: ما بك..؟ لا تنظر لي هكذا، اذهب واكتب ما اخبرتك به..
الكاتب: (يستسلم لأمره) أمرك يا مولاي.
(يخرج الكاتب)
الملك: (مع نفسه) كيف لم يخبرني ذلك العراف المعتوه بأمر الدجاجة..لماذا اخفاها عني..؟ هل يعقل ان يعرف الحمالون والنجارون والفلاحون وبقية الرعيّة بأمرها قبلي..؟ يقولون أنها اشاعة، هي ليست اشاعة، لا يمكن ان تخرج من ذاك المعتوه اشاعة..جربته باشياء كثيرة ولم يقل الا الصحيح..
(يدخل المهرج)
المهرج: هل يسمح لي مولاي بالدخول..؟
الملك: (ينظر له) تعال يا عصفور..
المهرج: طائا ام ماشيا (يضحك)
الملك: (زاجرا) قلت تعال والا قطعت لسانك..
المهرج: (يقترب من الملك بطريقة بهلوانية) مابك يا مولاي، روحي فداء لك، أراك منزعجا ..ما الذي يزعجك..؟
الملك: (بغضب) كلمة اخرى منك واقطع لسانك..
المهرج: كلّي لك يا مولاي، أنا ولساني..
الملك: (يبتسم)
المهرج: (فرحا) ها… أرأيت يا مولاي، ابتسامتك أشرقت كأنها الشمس، إن ضحك مولانا الملك ضحكت معه كل الأقاليم..!
الملك: يا لك من ساذج..لا أعرف من جاء بك إليّ..
المهرج: إن نسيت اذكرك يا مولاي..
الملك: تذكرني بماذا..؟
المهرج: يوم كنت أرقص واغني في حفل تتويجكم المبارك، شاهدتني عن بعد وأعجبت بغنائي ورقصي وحركاتي..
الملك: (مبتسما) من قال لك ان غناءك أعجبني..؟
المهرج: كيف..كيف يا مولاي..؟ ألست أنت من أطلق عليّ اسم عصفور..؟
الملك: اطلقت عليك هذا الاسم لا لغنائك ولا لرقصك..
المهرج: (يفكر) ها…اذن لحركاتي البهلوانية..
الملك: بل لثرثرتك وغبائك..!
المهرج: (بصدمة) لغبائي..؟ ( ينظر الى الملك) ها..نعم، نعم أنا غبي اعترف بذلك..
الملك: كل من أقرّبه إلي لا بد ان يكون غبيا.. من السهل ان تقنع غبيا ومن السهل ايضا ان تقطع رأسه ولا حيف في ذلك، لن يكلفني كثيرا..
المهرج: كلنا طوع أمرك يا مولاي لكن…لكن ارجوك ان تبقي رأس عصفور فبدونه لا يمكن ان اسعدك وانسيك همومك..
الملك: بقاء رأسك موقوف على الآتي من الأيام..
المهرج: طوع أمرك يا مولاي ما ذهب من أيام وما هو آت..
الملك: اسمعني جيدا، ستحلّ بيننا ظيفة الدجاجة الملكيّة..
المهرج: دجاجة!!
الملك: (مؤكدا) دجاجة ملكيّة..
المهرج: (يفكر)
الملك: (مستمرا) ستكون أنت نديمها..
المهرج: نديم لدجاجة..؟
الملك: (مؤكدا) دجاجة ملكيّة..لها ما لنا، طاعتها واجبة..
المهرج: طبعا، طبعا..كيف لا وهي دجاجة مولاي الملك..
الملك: (غاضبا) قلت لك دجاجة ملكيّة، هذا هو اسمها، الدجاجة الملكيّة وغير هذا الاسم لا يسمح به ابداً..
المهرج: طوع أمرك يا مولاي.. (يصمت قليلا مفكرا) وماذا عن ليلة الجواري يا مولاي..؟
الملك: ما ان تصل الدجاجة الملكيّة فستلغى كل الحفلات.. سيضع لك كاتبنا خطة يومية وعليك تنفيذها.. لا تنسى ان بقاء رأسك محكوم براحة الدجاجة الملكيّة..
(يخرج الملك ويبقى المهرج لوحده، يتحدث مع نفسه)
المهرج: أي دجاجة تلك..؟ دجاجة ملكيّة..! أعوام وانا هنا في البلاط لم احصل على أي امتياز فيما تحصل عليها دجاجة..!اي دجاجة تلك..؟ تلك الليالي المحببة الى قلب مولانا الملك لم يلغها حتى يوم وفاة احدى زوجاته ويلغيها من اجل دجاجة..؟أي دجاجة تلك..؟ أحسدك ايتها الدجاجة.. (يفكر) ماذا لو تبادلنا الادوار..أنت عصفور وأنا دجاجة..!
– اظلام –
المشهد الثاني
(خربة في المدينة)
(العراف يقف قلقا ويتحدث مع نفسه)
العراف: ما الذي فعلته بنفسك..؟ كنت عرافا محترما في البلاط يحترمك الوزير والغفير والان مطارد بسبب كلمة.. ألا تدري ان التندر بمثل هذه الامور سيلقي بك في غياهب السجن..كلمة تناقلتها الالسن، من لسان الى لسان..كبرت واتسعت وصارت اشاعة.. قلت لأحدهم ان دجاجتك ستبيض بيضة واحدة في كل عام وهي البيضة التي تعيد اليك كل شبابك وقوتك لكن المسكين قال لي آه لو اخبرتني بذلك يا عراف قبل ان تكون ببطني.. لقد أكلها، أكل الدجاجة..! ما الذي افعله والشرطة تبحث عني، من أين آتي بمثل تلك الدجاجة وقد أكلها الغبي..
(يدخل منصور وهو صديق العراف)
منصور: أما زلت هنا..؟ ما الذي اخّرك..؟ عليك ان ترحل في الحال..
العراف: الى اين اذهب والطرق ملآنة بالشرطة وأبواب المدينة مغلقة..؟
منصور: حاول ان تتنكر بزي آخر..
العراف: أنا يائس يا صاحبي، يائس..سيقضى عليّ..
منصور: حسناً، لنجد حلا آخرا..
العراف: عجّل به ان كان لديك..
منصور: (مفكرا) ها.. اسمع، عليك ان تذهب الى القصر..
العراف: أي قصر تقصد..؟
منصور: قصر الملك..
العراف: (بفزع) أتريدني أن اذهب الى الموت برجليّ..؟
منصور: (يحاول اقناعه) اسمع ولا تقاطعني، تذهب الى قصر الملك وتخبره انك كنت مريضا ولم تستطع الحركة الا انك ما ان سمعت ان مولانا يطلبك تغلبت على مرضك وجئت اليه..
العراف: وماذا عن الدجاجة..؟
منصور: (منصور) تلك ورطتك..! ها اسمع اخبره بامرها ولكن اياك ان تخبره ان الغبي اكلها..
العراف: من أين أجي بها..؟
منصور: قل له ان هناك دجاجة في مكان ما من المملكة، في واحد من الاقاليم وبهذا ستخلص نفسك..
العراف: (مفكرا) أتراه سيقتنع بهذا..؟
منصور: مثلما اقتنع بنبوءتك لتوليه أمور المملكة، أنسيت..؟ حددت له شهرا واحدا وبالفعل مات الملك الأب وصار هو ملكا..
العراف: حدث ذلك صدفة، بل قل ساعدني الله بها، اما الدجاجة فأمرها مختلف.. الملك داهية غريب الاطوار لا يقتنع بسهولة..
منصور: سيقتنع، حتما سيقتنع.. هؤلاء الاغنياء بطونهم مملوءة وعقولهم فارغة..! وما دام الملك يهتم بشبابه وقوته سيقتنع..
العراف: (بعد تفكير) حسناً سأحاول اقناعه.
———
المشهد الثالث
(في بلاط الملك)
(الوزير وقائد الشرطة ينتظران مقدم الملك)
الوزير: أين تراه قد ذهب..؟
قائد الشرطة: بحثنا عنه في كل مكان ولم نجده، فص ملح وذاب !
الوزير: وماذا سنقول لمولانا الملك..؟
قائد الشرطة: نطلب منه فرصة اخرى للبحث عنه، ربما غادر المملكة الى احد الاقاليم..
الوزير: (بغضب) كيف يخرج والبوابة موصدة..؟
قائد الشرطة: ربما استعان بالمهربين..
الوزير: (مستغربا) استعان بالمهربين..؟ أنت تقول هذا، ألم تقل من قبل أنك قضيت عليهم..؟
قائد الشرطة: هم كثيرون، يتناسلون كالدود، كلما قضينا على زمرة منهم خرجت زمرة أخرى..
الوزير: وهل تريدني أن أخبره بهذا..؟ كنا في ورطة وصرنا بورطتين..ماذا اقول له، اخرجه المهربون من المدينة..
قائد الشرطة: قلت ربما ولم أجزم..
الوزير: عذرك هذا سيزيد من الطين بلة.. لا بد من عذر مقنع لا اعتقد ان مولانا الملك سيملها وقتا آخرا..
قائد الشرطة: حسناً، ما رايك أن نقنعه أن العرّاف له القدرة على الاختفاء دون أن يراه أحد ومولانا أطال الله بعمره لا يشك بقدراته..
الوزير: (مفكرا) ها.. هذه فكرة لا بأس بها..
قائد الشرطة: وهذا سيجعل مولانا أطال الله بعمره ان يمنحنا وقتا آخرا لنتمكن من الوصول اليه..
الوزير: عندها ستأتينا اخبار الأقاليم، ربما هو هناك..
قائد الشرطة: أرجوك سيدي الوزير كن معي ولا تخذلني..
الوزير: (بدهاء) أخشى ان تخذلني انت يا قائد الشرطة..!
قائد الشرطة: (بابتسامة) اذن اتفقنا..
(يدخل الملك وينحني له الوزير وقائد الشرطة)
الملك: (بغضب) ها قد عدتما بدونه..
الوزير: ما زال البحث جاريا عنه..
الملك: الى متى..؟
قائد الشرطة: الى أن نأتي به بين يديك يا مولاي..لم يبق وقت حتى نضع ايدينا عليه..
الملك: أين تراه اختفى..؟
الوزير: أنت قلت يا مولاي اختفى، نعم هو اختفى بالفعل وأنت تعرف قدراته تلك..
الملك: اختفى ..؟ كيف..؟
الوزير: للعراف طرقا عديدة للاختفاء، بقبعة او برداء..!
الملك: لماذا لم يختف قبل هذا..؟
الوزير: (بمكر) لأنه يا مولاي كان مستفيدا منك..
الملك: (بغضب) وهل قطعت عنه العطايات والهبات والمكرمات..؟
الوزير: حاشا مولاي ان يفعل هذا، ما زلت تغدق على الجميع بكرمك..
قائد الشرطة: أنت مولانا، ملكنا، نفديك بارواحنا !
الملك: أريد حلا.. ما هو الحل..؟
قائد الشرطة: امنحنا مزيدا من الوقت يا مولاي وسنأتيك به قواتنا تنتشر في كل مكان..
الملك: خذوا يوما او يومين، ابحثوا عنه في كل زاوية من المملكة ولا تتركوا حتى المزابل..
الوزير: سنفعل يا مولاي..
الملك: اذهبا الان..
(الوزير وقائد الشرطة يذهبان)
الملك: (مع نفسه) قبعة اختفاء، أيعقل هذا..؟ أيختفي هذا الملعون، يعني انه مطلع على كل شيء يجري هنا، كل شيء..أيمكن ان يكون قد اطلع علي وأنا في فراشي..؟
(تدخل زوجة الملك)
الزوجة: (بغنج) أما زلت تفكر بالفراش يا مولاي..؟
الملك: (ينتبه لها) الفراش..؟ أي فراش..؟
الزوجة: سمعتك وانا داخلة تقول فراشي..اذا كنت ترغب في شيء انا طوع أمرك..
الملك: (مترددا) لا..لا اريد شيئا..
الزوجة: ألم أقل لك لنستدعي طبيبك كي يخلصك مما أنت فيه..
الملك: أتريدين ان يطلع الطبيب على سرّ أخفيته سنينا..
الزوجة: لكن المملكة بحاجة الى ولي عهد..
الملك: لا تفكري بهذا سأجد حلا..
الزوجة: كل مرة تقول هذا والايام تمضي..
الملك: (مؤاسيا) اعرف اني خذلتك كثيرا، سيأتي اليوم الذي لا اخذلك فيه..
الزوجة: يقولون ان العسل خير علاج..
الملك: وهل بقي عسل في المملكة لم اتناوله..!
الزوجة: اذن تعال معي، لتنعم بصفاء الذهن..سأنسيك كل ما تفكر به. لماذا لا نخرج في نزهة بعيدا عن مشاغلك..
الملك: لا استطيع ان اترك المملكة في هذا الوقت العصيب، تركتها مرة واستقطع أخي الصغير اقليما منها، ماذا لو تركتها اياما ربما ينقض عليها الحاقدون والطامعون..
الزوجة: اخاطبك كزوج وليس ملكا، من واجبي ان اكون جديرة بك، تعال يا حبيبي، استطيع ان افعل لك الكثير..
الملك: (بألم) هي لعنة رافقتني كثيرا، وانا ادفع ثمن ما قمت به..
الزوجة: لم تقم الا ما تراه صالحا، وما قام به اخوك الصغير كان غلطة..
الملك: لم تكن تلك رغبة والدي، كان يريدنا ان نكون معا متعاونين في مملكة واحدة وقوية..
الزوجة: فعلت ما يجب عليك فعله لكن اخاك لم يرض، اقتطع منك اقليما ولم ترد عليه..
الملك: وهل تريدينني ان احارب اخي..؟
الزوجة: اردت فقط ان تفاوضه، تجلس معه وتقنعه بالعودة..
الملك: وماذا افعل للرأس اليابس!!
الزوجة: الان دعك من كل هذا الحديث الذي يقلق، تعال معي، اراك اكثر صفاء اليوم..
الملك: (بابتسامة مفتعلة) لو حدث ما انتظره اليوم ستريني مختلفا، وسأنجح..
الزوجة: (بغنج) اذن انتظرك..ها.. لا تتأخر..
(تخرج الزوجة)
الملك: (مع نفسه قلقا وهو يراقب خروج زوجته) أي عاهة تلك التي تمنعني عنك، ليال طويلة من الخذلان، الملك الذي لم يُخذل في حروبه الكبيرة خذل في فراشه، أي لعنة هذه، أي ألم ينتابني كلما خذلتها، وها هي ذي صابرة معي، كلما أهم بها تشرئب الرؤوس التي قطعتها ، تبحلق في وجهي، تحيلني حطاما.. (مؤنبا نفسه) هذا هو الملك الذي كنت تسعى اليه، ما الذي خلفه لك غير القلق والتعاسة..؟ ملك بلا سعادة، أي ملك هذا..؟ حتى حارسك اكثر سعادة منك، الفقراء من رعيتك اكثر سعادة منك، آه..ان لم تستطع اسعاد زوجتك فكيف ستسعد رعيتك..؟!
(اظلام)
———-
المشهد الرابع
(سوق المدينة قريبا من محل بائع الدجاج)
(مجموعة من الباعة وهم يتذمرون لقيام افراد الشرطة بالعبث في محالهم التجارية، قائد الشرطة مع افراد شرطته يبحثون عن العراف بين البضاعة، بائع الدجاج محتجا)
بائع الدجاج: ما هذا يا قائد الشرطة، هذه المرة الرابعة وانتم تخرجون بضاعتنا واغراضنا الى الشارع، كل يوم تبحثون هنا في السوق، ألا تخبرنا ما الذي تبحثون عنه لنكون عونا لكم..؟
قائد الشرطة: هذا أمر غاية في السرية ولا يعنيكم..
بائع الدجاج:لكن رزقنا توقف بسببكم..
قائد الشرطة: رزقكم توقف..؟ قل لي بربك ما الأهم عندك، رزقكم أم أمن المدينة..؟
بائع الدجاج: نحن لا يهمنا الا رزقنا وأمن المدينة أمر يهمكم أنتم، ما الذي اعطتنا هذه المدينة كي ننسى رزقنا ونهتم بأمنها..؟
قائد الشرطة: (غاضبا) كلامك خطير، اذا كررته ألقيت بك في السجن..
بائع الدجاج: لكن لا شيء هنا يبدد أمر المدينة، ولديكم عيون في كل مكان ألم تخبركم بما تبحثون عنه..؟
قائد الشرطة: نحن ننفذ آمر مولانا الملك.
بائع الدجاج: (بخوف) مولانا الملك..؟ (يهتف) يعيش مولانا الملك..يعيش..يعيش.. (يقترب من قائد الشرطة هامسا له) أيريد قائد الشرطة اية مساعدة، نحن في خدمة مولانا الملك..!
قائد الشرطة: (يزجره) دع الشرطة يعملون واكرمني بسكوتك..
بائع الدجاج: حسنا، سأغلق فمي، واذا اردتني ان اخيطه سأفعل ولن تسمع مني كلمة تغضبك..
قائد الشرطة: أتعرف شيئا..؟
بائع الدجاج: لا ..لا اعرف الا ما علمتنا به.. ما هو..؟!
قائد الشرطة: أنت تثرثر كثيرا وقانون المملكة يقضي بقطع ألسن المثرثرين..
بائع الدجاج: (متحسسا لسانه) أعدك يا سيدي بأني لا اثرثر بعد اليوم..
قائد الشرطة: (محذرا) ولا تسأل أي سؤال.. فضولك هذا سيكون وبالا عليك..
بائع الدجاج: (يكتفي بالاشارة ي انه لن يتكلم بعد الان)
قائد الشرطة: كن هكذا افضل لك ولنا..
(احد افراد الشرطة يقترب من قائده)
الشرطي: لا شيء هنا يا سيدي..
قائد الشرطة: هل بحثتم فوق السطوح..؟
الشرطي: بحثنا في كل مكان .. لم نجد شيئا..
قائد الشرطة: حسنا لننصرف..
(ينصرف قائد الشرطة مع شرطته)
بائع الدجاج: (مع نفسه) ما الذي يجري في المدينة، افراد الشرطة يملأون الازقة، ما الذي يبحثون عنه..؟ هل سندخل حربا أخرى..؟ حرب تأكل الاخضر واليابس مثل التي سبقتها..ما الذي حصدناه من حروبهم غير الموت والخراب.. يخوضونها لاشباع رغبة تجار الدم، حرب لا تحرق غير الفقراء..
(العراف من جانب المسرح في طريقه لقصر الملك، يتخفى خلف جدار محل بائع الدجاج)
بائع الدجاج: (يراه من بعيد) هيه..أنت، ما الذي تبحث عنه..
العراف: ما جئت لأبحث عن شيء، كنت مارا من هنا..
بائع الدجاج: لكن تنسل بين اغراضي، الطريق من هنا وليس داخل دكانتي..(مفكرا) أتراك جئت لتسرق..؟
العراف: أنا أسرقك..؟ معاذ الله ان فعلت هذا..جئت اشتري منك دجاجة..
بائع الدجاج: بعتها كلها، لم تبق واحدة، هجم الناس على دكانتي واشتروا كل ما عندي بعدما سرت الاشاعة..
العراف: أي اشاعة..؟
بائع الدجاج: ألم تسمع بها، دخلت كل بيت وأنت لم تسمع بأمر الدجاجة السحرية وبيضتها الوحيدة..
العراف: ومن يقول ذلك..
بائع الدجاج: كل المدينة تعرف بأمرها الا انت…(يضحك) غريب كيف لم تسمع بها..
العراف: وهل صدقت ما يقولون..؟ ليس كل ما يقوله العامة صحيح..
بائع الدجاج: ما يقوله عراف الملك لا بد ان نصدقه..
العراف: وهل سمعتها أنت من العراف..
بائع الدجاج: كيف لي ان اسمعها منه وانا لم ألتقيه..سمعتها من الناس..
العراف: ليس كل ما يقوله الناس صحيح..
بائع الدجاج: أتعرف، كنت اظن أنا الوحيد الذي يشك بأمر الدجاجة لكنني وجدت رجلا آخرا يشك بأمرها مثلي.. لكنها كانت اشاعة رائعة، خلصتني من كل الدجاجات التي في دكانتي..
العراف: (مع نفسه) مصائب قوم عند قوم فوائد..!
بائع الدجاج: ماذا قلت..؟
العراف: قلت ليتني أحصل على تلك الدجاجة..
بائع الدجاج: أتدري لو انك حصلت عليها يقولون انك ستستعيد شبابك وقوتك..
العراف: لا أريد كل ذلك، فقط اريد ان احافظ على رأسي..!
(اظلام)
——————-
المشهد الخامس
(في دار بائع الدجاج)
(زوجة بائع الدجاج جالسة أمام وعاء وهي تنتف ريش دجاجة كانت قد ذبحتها قبل قليل..تتحدث مع نفسها وهي تنتف الريش)
الزوجة: أي قدر ألقى بك الى هذا الدرك الاسفل من الحظ..أي نصيب هذا، تحسدني النساء على عيشة لا يعرفنها، لأني زوجة بائع الدجاج كان علي ان اتخم بأكل الدجاج، الفطور والغداء والعشاء من مشتقات الدجاج..زوج مهووس بالدجاج، ربما يراني أنا الأخرى مثل دجاجة..دجاجة كبيرة، نعم هو هكذا، كلما أراد أن يدلعني يقول لي تعالي يا دجاجتي الكبيرة.. يا رب (ترفع يديها للسماء وتتضرع) يا رب، خلّصني من الدجاج.. أشعر احيانا أنه يهتم بدجاجاته أكثر مني..
(يدخل بائع الدجاج، الزوجة تنظر له باندهاش)
الزوجة: ما شاء الله، عدت مبكرا، (تحدق به اكثر) ما لي ارى يديك فارغتين، لا دجاجة ولا غيرها..
بائع الدجاج: (بفرح) بعت كل الدجاجات..
الزوجة: بعتها كلها، كيف..؟
بائع الدجاج: رزق من الله وقد جاء هل ارده..؟ حمدا لله بعت كل شيء حتى تلك التي لم تصل بعد مع القافلة المقبلة..
الزوجة: بعتها وهي في الطريق..؟ أحقا ما تقول..؟ اكان ان لا اصدق..
بائع الدجاج: انا مثلك لم اصدق نفسي، كأني في حلم، تعالي اقرصيني ربما استيقظ من حلمي…تعالي (يقترب منها اكثر)..
الزوجة: (تدفعه) ابتعد عني.. أنا لا اصدقك، مثل هذا الامر لا يحدث الا بارادة ملكية، اذا قال الملك للناس أمرا فعلوه وهذا لم يحدث..!
بائع الدجاج: والله بعتها كلها، اشاعة انتشرت في المدينة تسببت في رزقي..
الزوجة: أي نوع من الاشاعات..؟
بائع الدجاج: يقولون ان هناك دجاجة تبيض بيضة واحدة، تلك البيضة لها مفعول سحري تعيد الشباب والقوة لمن يتناولها..
الزوجة: (تقف مبهورة وتنظر الى الدجاجة التي نتفت ريشها) تعيد الشباب..؟ يا الله، أين تلك الدجاجة ولماذا لم تخبرني من قبل..؟
بائع الدجاج: اليوم عرفت حين جاء الناس افواجا واشتروا دجاجاتي.. الملاعين لم يقولوا لي ذلك الا بعد ان اشتروها كلها..
الزوجة: لماذا لم تبق لنا واحدة..؟
بائع الدجاج: ليس كل الدجاج، هناك دجاجة واحدة..
الزوجة: وكيف نعرفها بين كل تلك الدجاجات..؟
بائع الدجاج: يقولون انها دجاجة سوداء بريشة بيضاء واحدة في جنحا الايمن..
الزوجة: (تنظر الى الدجاجة في القدر والريش العالق في يديها) يا الله، ما الذي فعلته بي..
بائع الدجاج: (باندهاش) ما علاقتي بهذا، ما انا الا بائع دجاج..
الزوجة: (بحسرة) الدجاجة التي وصفتها هنا..في هذا القدر، ذبحتها ونتفت ريشها.!!
(اظلام)
—————-
المشهد السادس
( بلاط الملك)
(الملك جالسا ويقف أمامه الوزير وقائد الشرطة)
الملك: ألم احذركما من قبل، ويلكما من عقابي! تفشلان في ايجاد بشر واحد فكيف ساعتمد عليكما في الحفاظ على أمن المملكة..؟ كيف أئتمنكما على ملكي..انتما فاشلان، اثبتما فشلكما وعليكما تحمّل العقاب الذي سأقرره..
الوزير: (بخوف) لو ياذن لي مولاي الملك..
الملك: (غاضبا) سمعت منك ما يكفي، شبعت من اعذارك أنت وهذا الصعلوك..
الوزير: ولكننا يا مولاي لا نبحث عن بشر عادي..
الملك: وهل كنتما تبحثان عن جني، أتريد أن تقنعني بعذرك التافه، قبعة ورداء سحري..؟ أتريدني أن اصدق هذا..
قائد الشرطة: (بخوف شديد) هنالك مسالك كثيرة في المدينة يا مولاي، وعددنا لا يكفي، أنت أمرت بتقليص اعداد الشرطة للزمة الاقتصادية التي تمر بها المملكة..
الملك: أنت تعرف أهم تلك المسالك التي تؤدي الى خارج المدينة ..ألست قادا للشرطة..؟
الوزير: اقترح يا مولاي أن نعلن ذلك للعامة، نخصص جائزة لمن يأتي لنا بالعراف..
الملك: (هازئا وبغضب) نخصص جائزة..؟ من اين نأتي بالمال..؟ ولو افترضنا خصصنا الجائزة أتريد أن يعرف الناس بذلك، وتنتشر الاشاعة في ان عراف الملك قد هرب..أي عار سيلحق بنا لو عرف الناس بهروب العراف..؟
الوزير: اعطنا فرصة اخرى، الجائزة ستكون من مرتبي ومرتب قائد الشرطة..
قائد الشرطة: (ينظر الى الوزير غير راض)
الوزير: (يندس قائد الشرطة هامسا) خير من ان نموت..!
قائد الشرطة: نعم ، نعم يا مولاي.. كل ما املكه سأقدمه فداء للمملكة..
الملك: (ما زال غاضبا) لا مكان للفاشلين بين يدي.. سأسجنكما لقاء فشلكما..
(يدخل العراف، ينظر له الملك ويتوقف عن الكلام، الوزير تنفتح اساريره)
الملك: من فشلتما بايجاده ها هوذا يأتي بقدميه..
العراف: (منحنيا للملك) طوع أمرك يا مولاي..
الملك: تغيبت طويلا، اين كنت ايها العراف..؟
العراف: كدت ان أموت يا مولاي، داهمني مرض عافاك الله وابعد شره عنك جعلني طريح الفراش اياما..
الملك: كان عليك ان تخبرني بذلك..
العراف: المرض لا يمهل يا مولاي، لم اجد احدا اعتمد عليه واثق به كي يوصل لك خبر مرضي يا مولاي لكني حين استطعت الوقوف على قدمي جئتك مسرعا..
الملك: (الى الوزير) أرأيت يا وزيري الذكي، كان العراف مريضا وليس مختفيا..!
العراف: كيف اختفي عن ولي نعمتي ومولاي..
الملك: كانت اعذارا لم اقتنع بها..وعليه….
الوزير: (مقاطعا) الرحمة يا مولاي..
العراف: ملكنا رحيم وسيعفو ان كان هناك مجالا للعفو..
الملك: اكراما بعودة العراف عفوت عنكما..
قائد الشرطة: (فرحا) اطال الله بعمر مولانا الملك..
الوزير: (فرحا) سأبقى وفيا لك يا مولاي ما حييت..
الملك: اغربا عن وجهي الان ريثما التقط انفاسي، عفوت عنكما لكن لا يمكن ان يمر الامر كما تظنان، سيكون لي معكما تصرف آخر كي لا يحدث ما حدث ثانية..هيا اذهبا..
(الوزير وقائد الشرطة يخرجان)
الملك: (الى العراف) أتعرف ما العذر الذي اراد الوزير ان اقتنع به حين فشل في الوصول اليك..
العراف: كان يقنعك يا مولاي بأني اختفيت…
الملك: (باستغراب) ها…كيف عرفت..؟
العراف: (بدهاء) ألست عرافك يا مولاي.. وكل صغيرة وكبيرة اعرفها..؟
الملك: الان اخبرني ما حكاية الدجاجة والبيضة الواحدة..
العراف: حكايتها يا مولاي حين اشتد على المرض واخذت الحمى مني مأخذا كنت اهذي ولا اعرف ما الذي خرج مني من هذيان الا اني عرفت اليوم مثلك تماما من عامة الناس بأني أشرت الى الدجاجة..
الملك: (بفضول) أهي حقيقة..؟
العراف: ربما تكون حقيقة..
الملك: قلت ربما..؟ وربما ليست حقيقة..
العراف: ليس كذلك يا مولاي، مثل تلك الدجاجة لا يحصل عليها الا المحظوظون..
الملك: (بثقة) وأنا محظوظ..!
العراف: أنت سيد المحظوظين..
الملك: (مقتربا من العراف اكثر) قل لي، ما هو مفعول تلك الدجاجة..؟ (بهمس) هل تعيد لي قوتي الـ…..
العراف: (ينظر له مقاطعا) تعيدها يا مولاي بقوة أسد..
الملك: عظيم، عظيم جدا..!
العراف: وهل يعاني مولانا من ضعف ما..
الملك: أي سؤال هذا..؟ لا اعاني من أي شيء.. من أين يأتيني الضعف ..ألا ترى كيف يهابني الجميع..
العراف: (بخبث) أنا لا اقصدك ملكا انما اقصد الانسان الذي هو فيك..
الملك: وما الفرق..؟ ألا تراني انسانا..؟ (ينتبه لنفسه وبغضب) اياك ان تتجاوز حودك معي..
العراف: عذرا يا مولاي، ارجوك لا تغضب فالغضب يضر بصحتك وقوتك..
الملك: (يكتفي بالنظر له)
العراف: (مستمرا) القوة تمنحك السعادة يا مولاي..
الملك: وهذا سر سعادتي….قوتي!
العراف: واضح ..واضح جدا يا مولاي..
الملك: (ينظر له باندهاش)
(اظلام)
———————-
المشهد السابع
(دار بائع الدجاج)
بائع الدجاج: (جالسا على الارض وامامه صحن وضعت فوقه الدجاجة، وهو يتناول الطعام) ربما هذه آخر دجاجة نأكلها ان لم تصل القافلة الثانية..
الزوجة: بقيت لدينا دجاجة واحدة في القن.
بائع الدجاج: (باستغراب) لديك واحدة..؟
الزوجة: احتفظت بها لوقت الحاجة..
(صوت في الخارج ، تنتبه الزوجة وتنهض مقتربة من النافذة)
الصوت: يا أهل المدينة بأمر مولاي الملك من لديه دجاجة سوداء بريشة بيضاء واحدة ليأت بها الى القصر الملكي ليحصل على جائزة ملكنا المفدى..
(يتكرر الصوت عدة مرات وينخفض تدريجيا)
الزوجة: أسمعت..؟ (بفرح) سنحصل عاى جائزة الملك..
بائع الدجاج: ألم تسمعي شروطهم، من أين نأتي بدجاجة سوداء (مؤنبا نفسه) آه لو لم ابع تلك الدجاجات، كانت لدي اربع منها سوداء..
الزوجة: لا يهم يا زوجي العزيز، لدينا واحدة في القن..
بائع الدجاج: أهي سوداء..؟
الزوجة: بيضاء خالصة..
بائع الدجاج: (ضاحكا بسخرية) الملك يريدها سوداء وأنت تقولين بيضاء خالصة..
الزوجة: عندما تشغل دماغك يا زوجي ستعرف كيف تتحول الدجاجة البيضاء لى سوداء داكنة..
بائع الدجاج: (يفكر)
الزوجة: نصبغها ونترك ريشة بيضاء واحدة فيها..
بائع الدجاج: (ضاحكا) يا لدهائك..كيف فكرت بهذا..؟
الزوجة: بعدها نسلمها للملك ونأخذ الجائزة ثم نرحل ن المدينة..
بائع الدجاج: نهرب من المدينة..؟
الزوجة: لأن الاصباغ لا تدوم طويلا واذا ما فقدت الدجاجة لونها سنفقد نحن رأسينا..!
(اظلام)
———————
المشهد الثامن
(غرفة نوم الملك)
(الملك جالسا على فراشه وقد ادار ظهره لزوجته)
الزوجة: قلت لك يا حبيبي لا بد من مراجعة الطبيب
الملك: لست بحاجة الى طبيب..فقط اصبري
الزوجة: ومن قال لك اني لست صابرة..ما يهمني هو سعادتك وراحتك، كلما اراك في هذه الحال اتألم..
الملك: لست مريضا، انه القلق، كل شيء في المملكة يدعو الى القلق..الوزراء والجند والرعية..
الزوجة: بارادة ملكية تستطيع ان تحقق ما تريده..فكر قليلا بما تريد فعله ولا تتردد..
الملك: لم افعل شيئا وترددت فيه انت تعرفينني جيدا..لولا قوتي وشدة بأسي لما استطعت ان اسيطر على ثورة الجياع في الاقليم الجنوبي..
الزوجة: نفر ضال يا زوجي، لكن ولاء الاقليم كله لك..
الملك: لم اتمكن منهم كلهم هناك من هرب وما زال يحرض الناس، أي ثورة تلك وأي جياع..؟ كل الخير الذي اوفره لهم وهم جياع ما الذي افعله لهم كن يقنعهم هل اسلم المملكة للخونة..؟
الزوجة: خفف من الضرائب وسيفرحون بخطوتك..
الملك: الضرائب حق المملكة، هم يريدون يسرحون ويمرحون كيفما شاءوا..
الزوجة: (تحاول تهدئته) خفف من غضبك، لا يستحقون ان تشغل فكرك بهم (تقترب منه اكثر) انس كل ذلك، ارم كل همومك وانت تدخل مخدعك، التفكير في امور المملكة يشغل عقلك ويمنعك عن سعادتك..
الملك: (ينظر لها)
الزوجة: هذا ليس مكانا للحديث بالسياسة، هذا المكان وجد لاسعادك..
الملك: خضت حروبا كثيرة خرجت منها منتصرا، في هذا المكان فقط اشعر بانهزامي..
(اظلام)
—————
المشهد التاسع
(بلاط الملك)
(مجموعة من الناس يقفون في طابور طويل وكل منهم يحمل دجاجة، الوزير وقائد الشرطة والكاتب وبعض الشرطة يقفون يتفحصون الدجاج)
الوزير: من نستلم دجاجته سيسلم وصلا بالاستلام ولا ندفع له المكافأة الا بعد ان تأكد من بيضة الدجاجة..
رجل: هذا ظلم سيدي الوزير
الوزير: هذا هو شرط مولانا الملك ومن تعاد اليه دجاجته لانها خارج المواصفات عليه ان يدفع ما صرف عليها من مال خلال مدة بقائها في القصر..
رجل: ندفع للحكومة..ما هذا..؟
الوزير: هذا ليس كل شيء، كل واحد منكم نفحص دجاجته عليه ان يدفع اجور الفحص..
رجل: هذا صعب، خففوا عنا المصاريف!!
قائد الشرطة: من يعترض وغير راض بالشروط ليأخذ دجاجته ويغادر القصر قبل اعتقاله..
الوزير: (الى الرجل) هات دجاجتك أنت يا صاحب اللسان السليط..
رجل: (يتقدم) دجاجتي مدللة أطعمها من أجود الحبوب، اغسلها كل يوم، امشط ريشها وأزينها..
الوزير: كلهم يقولون هذا، يغسلون ويزينون فيما تزكم رائحتها أنوفنا.. (الى احد الشرطة) خذها منه وافحصها..
(الشرطي ياخذ الدجاجة ويقوم بفحصها)
الكاتب: عليك دفع إجور الفحص..
رجل: من أين آتي بالاجور، كل ما لدي هذه الدجاجة..
الشرطي: (يعيد الدجاجة) خارج المواصفات سيدي..
الوزير: ها..دجاجتك خارج المواصفات خذها وغادر..
رجل:أي مواصفات يا سيدي..؟ قلتم دجاجة ها هي ذي دجاجة وقلت سوداء وها هي سوداء..
الوزير: تنقصها الريشة البيضاء، قلنا دجاجة سوداء بريشة بيضاء أفهمت..؟
رجل: ريشة واحدة..؟ بسبب ريشة أعود الى داري بخفي حنين..؟
الوزير: بدون الريشة لن تصبح دجاجتك ملكية..لابد ن وجود الريشة البيضاء..
رجل: يا سبحان الله، ريشة تغير الاحوال من حال الى حال، وبشر لا يستطيعون القيام بشيء..
قائد الشرطة: ماذا قلت..؟
رجل: لا لم أقل شيئاً، كنت أندب حالي..
قائد الشرطة: هذا هو القانون رضيت أم ابيت..
(يدخل بائع الدجاج وبيده دجاجة سوداء برية بيضاء، يحملها وقد ارتدى قفازات يدوية)
قائد الشرطة: (مستمرا) اسمعوا، من كانت دجاجته خارج المواصفات ليأخذها ويغادر، ليس لدينا الوقت الكافي لفحص كل دجاجاتكم..
(لغط بين الناس، يخرجون ويبقى بائع الدجاج لوحده)
بائع الدجاج: (مع نفسه) الآن بقيت لوحدك، ستنال جائزة الملك وحدك، لم يبق الا أنت، كن يقظاً، ولكن ما هذه القفازات بيدي، تقول زوجتي اياك ان تخلعها، لا اعرف لماذا.. المهم ربما لها علاقة بالاصباغ (يتلفت يمينا وشمالا) لا تقل الاصباغ، سيسمعونك..
الوزير: (ينادي عليه) أنت…تعال هنا..
بائع الدجاج: (بخوف) أنا..؟
الوزير: ومن غيرك هنا..؟
بائع الدجاج: انتم معي يا سيدي..
الوزير: هل جئت لتسخر يا رجل..؟
بائع الدجاج: سألتني فاجبت.. جئتكم لابيع هذه..(يشير الى الدجاجة)
قائد الشرطة: حسّن ألفاظك يا رجل أنت لست في سوق..
الوزير: هذه ألفاظ الباعة، كن مؤدبا يا رجل..
بائع الدجاج: (مع نفسه) تختلف الالفاظ تبعا للامكنة، امر غريب، اذا كنا نحن الباعة نسمي هذه دجاجة..فماذا يسمونها هنا..؟
قائد الشرطة: اقترب لنفحص دجاجتك واعط رسم الفحص للكاتب..
بائع الدجاج: (كأنه اكتشف شيئا) لم تختلف، هناك دجاجة وهنا دجاجة..امة توحدها دجاجة أمر يدعو للفخر..
الوزير: أمجنون أنت..؟تحدّث نفسك وتأتي بأفعال غريبة، من الذي أدخلك هنا..
بائع الدجاج: أدخلتني هذه (يشير الى الدجاجة) تذكرة دخولي الى عالمكم..
قائد الشرطة: تقول عالمنا، ما هو عالمكم أنت..؟
بائع الدجاج: عالم كله ضجيج، صياح وصراخ، (يصرخ) حاجة بدرهمين..حاجة بدرهمين.. يأخذنا النهار ولا يردنا الا الليل، ننام كأننا أموات ليبدأ نهار آخر لا يختلف عن الذي قبله..هذا هو عالمنا متشابه في كل شيء..
الوزير: تنامون كالاموات..؟ لا كوابيس ولا غيرها..؟
بائع الدجاج: حين اضع رأسي على الوسادة انسى كل شيء ما دمت قد اطعمت دجاجاتي وأمنتها من الذئاب..هذا هو عالمنا، بسيط مثلنا، نركض خلف فتات قوتنا، بيوتنا فارغة، بائسة، تشكو أمرها الى الله..
الوزير: (بغضب) بدلا من ان تدعو ربك ان يحفظ مولانا الملك تشكوه لله..
بائع الدجاج: (مترددا بخوف) لم أقل ذلك، لقد خانني التعبير، قلت نشكو حالنا وفقرنا الى الله..
الوزير: (يزداد غضبا) ها انت ذا تكررها ثانية..
بائع الدجاج: ومن لدى الفقير غير الله..
الوزير: ومولانا الملك، أليس هو ولي نعمتك..؟
بائع الدجاج: (يصمت)
الوزير: تبا لكم، اعرفكم جيدا كلكم هكذا، تجحدون بولي نعمتكم، تنكرون الخير لذي يأتيكم، تنسون كل ذلك..غيركم يحمد ربه ويشكره اذا جعل لكم ملكا مثل مولانا..
بائع الدجاج: ليس هناك من هو أقرب الينا من الله.
قائد الشرطة: أجئت لكي تتذمر ؟ هات دجاجتك وارحل..
بائع الدجاج: (دون ان يرد يتقدم ويضع الدجاجة في المكان المخصص للفحص)
قائد الشرطة: (يتفحصها وينظر الى الوزير) هذه هي، دجاجة سوداء بريشة بيضاء..
بائع الدجاج: كل بضاعتي اصلية لا نتعامل بالمقلد..
الوزير: ما هذه التي ترتديها (يشير الى القفازات)
بائع الدجاج: قفازات وضعتها بيدي كي لا ألوث الدجاجة..
قائد الشرطة: حسنا..حسنا..أمرك غريب..(يقترب من الوزير ويهمس له) سيدي لماذا لا نكرمه نحن ونبقي مكافأة مولانا الملك لنا..؟
الوزير: (مفكرا) هل تضمن صمته..؟
قائد الشرطة: اعطيه دينارا وسيفرح به كثيرا..
الوزير: دينار واحد..؟!
قائد الشرطة: (يقترب من بائع الدجاج) ألف مبروك يا رجل دجاجتك هي المطلوبة بعد فحصها تأكد لنا بما لا يقبل الشك انها هي وعليه سنعفيك عن اجور الفحص ونمنحك المكافأة (يخرج كيسا ويعطي البائع دينارا)
بائع الدجاج: (ينظر الى الدينار) ما هذا..ظ
قائد الشرطة: مكافأتك..
بائع الدجاج: دينار واحد..؟ ما هذا، لو بعت الدجاجة في السوق لحصلت على دينارين، هذا هو ثمنها..
الوزير: اسمع يا رجل، دينار من مولانا الملك بركة..
بائع الدجاج: أي بركة وأنا اخسر فيها..؟
الوزير: هذا الدينار احفظه في دارك كبركة، هذا اول دينار يخرج من خزينة المملكة لرجل من عامة الناس..
بائع الدجاج: وأين تذهب كل تلك الاموال واموال الضرائب..ظ
الوزير: (غاضبا) انت تتجاوز حدودك، خذ دينارك وانصرف..
بائع الدجاج: (مستسلما) حسنا..حسنا سانصرف.
(يخرج بينما الوزير وقائد الشرطة ومن معهم يتابعونه)
بائع الدجاج: (يتوقف في منتصف المسافة)
قائد الشرطة: لماذا توقفت..؟
بائع الدجاج: أريد وصلا باستلام الدجاجة..
قائد الشرطة: ليس لدينا وصولات..
بائع الدجاج: وكيف ساقنع زوجتي ان دجاجتها قد ذهبت الى قصر مولانا الملك..
قائد الشرطة: (بغضب) حين تعود اليها وبيدك دينار ستعرف انك سلمتها للمملكة..
بائع الدجاج: لكنها ستطالبني بالمكافأة..
الوزير: اعطها الدينار لتحتفظ به..
بائع الدجاج: (ينظر الى الدينار الذي بيده، مع نفسه) دينار في اليد خير من رأسي في المقصلة..!
قائد الشرطة: (يدفعه الى الخارج)
الوزير: (يقترب من الدجاجة، يحملها ويقبلها) أنت دجاجة سعدي..!
(اظلام)
—————–
المشهد العاشر
(منزل بائع الدجاج)
الزوجة: (قلقة) تأخر كثيرا، اخشى انه اكتشفوا أمرنا، (تفكر) لا..لا يمكن ان يكتشفوا الامر بسهولة..لكني صبغتها جيدا ريشة ريشة، (تنظر من الشباك) أين تراه قد ذهب، قلت له لا تتأخر، لا تجلس في المقهى ومعك مكافأة الملك، هناك كثير من اللصوص وقطاع الطرق (تصمت مفكرة) قلت قطاع الطرق! كيف لم انبهه، قبل اسبوعين سرقوا منه دجاجتين فكيف لا يسرقونه ثانية وهم يرونه حاملا مكافأة الملك.. (تنظر من الشباك) أين تراك قد ذهبت، أخشى أنك خلعت القفازين ومسكت الدجاجة..أنت تفعلها يا زوجي الفضولي..
بائع الدجاج: (يدخل)
الزوجة: (تلتفت له وتركض نحوه فرحة) حمدا لله قد عدت سالما غانما..بشّرني هل استلموا منك الدجاجة..؟
بائع الدجاج: استلموها مني دون وصل..
الزوجة: ما الذي نفعله بالوصل المهم انهم استلموها..
بائع الدجاج: (يهز رأسه ايجابا)
الزوجة: (تتفحصه) ما لي أرى يديك فارغتين.. أين مكافأة الملك..؟
بائع الدجاج: (يقدم لها الدينار) هذه..! قالوا لي احتفظ بها كبركة..
الزوجة: (تأخذ الدينار) دينار واحد..
بائع الدجاج: (مصححا) دينار بركة..
الزوجة: (مولولة) كنت اظنهم سيملأون دارنا بالدنانير وتجيئني بدينار واحد..
بائع الدجاج: (مكررا) دينار بركة..!
الزوجة: ما الذي افعله بالبركة..؟ وأية بركة تأتيني من حاكم يداه مغلولتان الى عنقه..دينار، دينار واحد يا رجل..؟
بائع الدجاج: (مكررا) دينار بركة..!!
الزوجة: بركة..بركة..بركة.. اقنعوك بهذه البركة.
بائع الدجاج: بركة في اليد خير من ان يضعوا رأسينا في المقصلة..
الزوجة: (تتحسس رأسها) المقصلة..لا..ما الذي فعلته كي يضعوا رأسي في المقصلة..؟
بائع الدجاج: الغش قد يؤدي الى المقصلة..
الزوجة: ليضعوا رؤوسهم في المقصلة ازلا فهم الغشاشون والسراق يجوعون شعبهم ثم يقتلونه..
بائع الدجاج: البارحة كنت تعتبرينهم اولياء نعمتك، الملك والوزير والحاشية، واليوم تنعتينهم بالغشاشين والسراق..ما الذي تغير..؟
الزوجة: البارحة كان لي أمل في ان نعيش كما البشر اما اليوم فقد عرفت مدى بخلهم..
بائع الدجاج: وما بين البارحة واليوم تغيرت المواقف..آه لو تعلمين ماذا هيأوا لدجاجتنا، غرفة ملكية وخدم وحشم هذا افضل من ان تعيش معنا في ذلك القن الوسخ..
الزوجة: ليتهم يعاملوننا مثلما يعاملون أي كلب حراسة في قصرهم..
بائع الدجاج: هم مسؤولون ونحن شعب هذه هي سنة الحياة.
الزوجة: بل سنة الخائبين أمثالنا..
بائع الدجاج: وما الذي تريدينني ان افعل اخرج بسيفي واحرض الناس على الثورة..؟
الزوجة: ما أنت الا بائع دجاج..من يصغي اليك والناس نيام، هم راضون على وضعهم، مخدرون، من قضى حياته ذليلا لا يمكن ان يرى غير الذل..
بائع الدجاج: هذا هو الحال، من اين نأتي بمخلص يستطيع القيام بمعجزة..؟
الزوجة: كل ملك يأتي ندفع له برؤوسنا، الملك الاب قتل والدي لانه قال لا للذل والملك الابن أذلنا، لكن نهايته بدت قريبة..
بائع الدجاج: كلامك هذا يخوفني..
الزوجة: هو الخوف الذي جعلنا هكذا، بينما يموت الناس جوعا يبحث الملك عن دجاجة وبيضة تعيد له شبابه، يا لبؤسنا..
بائع الدجاج: (ينظر الى المكان) أراك قد حزمت كل اغراضنا..
الزوجة: ألم أقل لك أننا سنرحل..
بائع الدجاج: (مستغربا) قلت نرحل اذا كانت المكافأة مجزية وكبيرة..
الزوجة: نعم وهي كذلك..
بائع الدجاج: دينار البركة..؟
الزوجة: ما لم يستطع الشعب القيام به ضد الفاسدين ستقوم به دجاجة..!
بائع الدجاج: (مستغربا) دجاجة..؟! (يضحك) هل فقدت عقلك..؟
الزوجة: (تشير الى يديه) اخلع هذين القفازين وارميها في الخارج..
بائع الدجاج: (ينظر الى يديه) لماذا ألبستيني القفازين..؟
الزوجة: سأخبرك الحقيقة..لقد عجنت الاصباغ ومزجتها بالسم، من يمسك الدجاجة بيديه او يأكل بيضتها سيسري السم بعروقه..
بائع الدجاج: (بخوف شديد) أمجنونة أنت..كدت تقتلينني..
الزوجة: لهذا طلبت منك ان لا تخلع القفازين..
بائع الدجاج: (ينهار ويجلس على الارض) يا لها من كارثة..!
(أصوات في الخارج وضجة كبيرة)
الاصوات: مات الملك..مات الوزير..
(اظلام)
ستار
البصرة 18-1-2016
اترك تعليقا