عبد الكريم العامري: أحلم بوطن آمن، وبزمن يتسع لمشاريعي المؤجلة حاوره: مقداد مسعود
تاريخ الحوار 23 مارس 2011
هل تكفي أكثر من عشر سنوات ان افهم عبد الكريم العامري؟
هل تفي المقاهي التي تنقلنا منها ؟ تبادل الكتب؟
قراءة المخطوطات وهي في طراوتها؟ عنق الزجاجة التي كابدناه كلنا في سنوات مسغبة
الحصار؟ في كل هذا لم يتوقف العامري عن الأبداع أو تدخين الناركيلة التي احتملت
قمصاننا روائحها،الفاضحة لنا في بيوتنا..كان يسبقنا في مقهى مجالس العرب او المقهى
المقابلة لها أو مقهى سيد هاني..يبكر في الجلوس وفي الكتابة في تلك المقاهي..
هل كان يجد في الكتابة العلاج الناجع لكل مكابداته..؟!
ام هو التحدي الثقافي؟ الثأر مما يجري ..ربما..
في كل ألأحوال لم يكتف العامري بلعن الظلام،بل كان يستضيىء ليضيىء بالكتابة..
نحن هنا نحاوره.. لنضرم حبا اخويا من خلال أسئلة ثقافية ،في ثقافة عراقية مايزال
العامري يتحرك فيها ومن أجلها بأندافع الحريص المشارك.
*من أين تحب ان نبدأ؟ من عين الكاميرا؟ من خشبة النص؟ من مخابىء القصيدة؟ ام نتجول معا في طريق الملح؟ امن تفيء نخلة بصرياثا / موقع النت ؟
– كل هذه الابواب مفتوحة لك، لا بل كنت أنت واحداً من الذين خبروها في زمن كان يصعب ان تجد باباً يمنحك الامن والسكينة، هذه الابواب وتلك خبّأت خلفها أحلاماً كنت أنسجها في عتمة خانقة، نصرتني يوم كنت قاب قوسين أو ادنى من الخسارة، افردت لها أياماً وليالياً، صنعتها من مداد روحي وخفق فؤادي، من خوفي وقلقي ومكابداتي البيتية، من حزني على اصدقاء غابوا دون ارادتهم، وآخرين لم تسعفني ذاكرتي على تذكرهم، وسواهم ممن تركوا خناجرهم في ظهري بعد ان اكتفوا من بقعة ضوء كنت اتنازل عنها لهم..أقول: كل الابواب مفتوحة لك يا صاحبي.
*كيف يوازن الواحد/ عبد الكريم العامري، هذه الكثرة ألأبداعية؟
- لو قلت لك أني لا اضع لنفسي برنامجاً وليس لي طقوساً
أؤديها كي أوازن بين هذا الجنس الادبي اوالفني اوغيرها مما ابتلاني به قدري، لا
اتذكر اللحظة التي ادخلتني الى عالم الكتابة بعدما ذابت في بئر الذاكرة، لكنني
اتذكر قراءاتي الاولى.. كانت قراءات أكبر بكثير من سن طالب في الابتدائية يعيش في
اقصى الجنوب العراقي حيث لا شيء هناك الا الفطرة..
الكتابة تأتيني دون سابق انذار، وما ان اركز قلمي في صدر الورقة حتى تأخذني الحروف الى الجنس الادبي الذي تهواه هي وأقصد الحروف، بين الشعر والرواية والمسرح والشعر العامي والقراءات النقدية (الانطباعية) والسيناريو التلفزيوني والاخراج وبث الرسائل الصوتية للاذاعة والتصوير الفوتوغرافي وتصميم المواقع الالكترونية والاشراف على اول مجلة ثقافية ادبية الكترونية صدرت في البصرة بعد عام 2003 تجدني متشبثاً بالوقت الذي يمر سريعاً، أحياناً يكون هناك أكثر من مشروع يكتب في آن وتصور مدى القلق الذي يتغلغل بيّ، اتذكر مرة سألني احد الاصدقاء عما سألتني عنه فقلت له: اشعر ان في رأسي ادراج مثل ادراج المكتب، كل درج يشمل جنس ادبي، حين امد يدي لافتح واحداً ينفتح معه آخر وربما اثنين، لهذا لا اغلقه الا بعد ان يكتمل كل ما بين يدي.. الامر ليس سهلاً لكنه ليس صعباً ان توازن بين الجميع وكما قال مكسيم غوركي: عندما يكون كل شيء سهلا يصبح المرء غبيا بسرعة.
*لم أقرأ لك قصة قصيرة!! كيف غامرت روائيا وكتبت الطريق الى الملح؟
– بالعكس، كتبت القصة القصيرة، والقصيرة جداً، لكني لم انشر ما كنت أكتبه، ورواية الطريق الى الملح تحمل في بعض فصولها احداثاً حقيقية عاشها اهلنا في جنوب العراق فيما تضمنت طقوساً لا يعرفها أغلب العراقيين والعرب أيضاً ومنها طقس (الزيران)، لهذا فهي صفحة بيضاء من صفحات مدينة الفاو.
*نتنياً…من خلال ادارتك لموقع بصرياثا ..كيف تنظر
لثقافة النت؟ هل بمقدورها ازاحة ثقافة الكتاب الورقي.
– لا اعتقد ان أية وسيلة باستطاعتها ان تزيح متعة التصفح الورقي والقراءة عبر
الكتاب المطبوع، ثقافة الكتاب الورقي تبقى في الصدارة،لكن الانترنت منح سرعة اكبر
في النشر، هل تتذكر كم من الوقت كنا ننتظر أن تنشر هذه الصحيفة او تلك نصوصنا بعد
ان نرسلها بالبريد العادي، شهر او اكثر، اما اليوم فالنص ينشر خلال دقائق، بضغطة
زر واحدة يطلع العالم على نتاجك الابداعي، لكن هذه السرعة جلبت لنا (الويل)! فسرعة
النشر ادت الى استسهال الكتابة خاصة فيما يتعلق بقصيدة النثر، ومن خلال مجلة
(بصرياثا) تصلنا نصوص كثيرة ومع اعتزازنا بجميع الزملاء الذين يتواصلون معنا هناك
نصوص لا يمكن ان نطلق عليها تسمية قصائد، فكثير منها لا تعد الا خواطر كتبت بسرعة
خاطفة!
*هل ثمة مشاريع سوف تكشفها لنا ،على ضمن مديات بصرياثا
او مابعدها؟
– حلم بصرياثا الذي تحقق نصفه ما زال مستمراً، في البدء كانت المجلة وثم المنتدى
الذي جعلناه فرصة لتواصل الاصدقاء وبعد ذلك حاولنا ان نضع راديو يبث بشكل مباشر
نتاج الزملاء الادباء وبالفعل استمرت الفترة التجريبية لمدة شهر لكن عدم تفرغنا
جعلنا نكتفي بوضع (Loop)اعلاني واصدرنا خلال سبعة اعوام خمسة
اصدارات سميناه (كتاب بصرياثا الشهري) تضمن ما تم نشره بابواب مختلفة (الشعر،
القصة، الترجمة، النقد، ملفات، تجارب وغيرها)..وكنت اتمنى ان نضع لكل زميل صفحة
خاصة بالمجلة لكن لم تكن هناك استجابة من الزملاء للأسف الشديد!
* شعريا..أين الشاعر عبد الكريم العامري،آلآن؟ وكيف تنظر للقصيدة من خلال موقعك بصرياثا؟ هل ثمة بشائر شعرية ؟
– قدمت في شهر رمضان الماضي مجموعة شعرية الى دار الشؤون الثقافية ببغداد عنوانها (كل جسدي مشاع) تضمنت قصائد كتبتها ما بين البصرة وكوردستان، وصدرت لي رواية (عنبر سعيد) عن دار كلمة في القاهرة، وما زالت هناك نصوص شعرية تنتظر ان تجمع في كتاب واحد ولي روايتان قيد الكتابة ومسرحية عنوانها (U.N) ومسلسل لاحدى الشركات الانتاجية اتمنى ان اوفق فيها.
*في بصريا ثا مساهمات شعرية نسوية ،ماالفرق بين هذه
المساهمات والخواطر ألأدبية؟
– هناك اصوات شعرية نسوية بحاجة الى رعاية واعتقد اننا في بصرياثا فتحنا الابواب
لهن كي يأخذن فرصتهن بالنشر، وما يصلنا في البريد من الشاعرات ضعف ما يصلنا من
الزملاء الشعراء، لكن بعض تلك النصوص بحاجة الى اعادة نظر ومثلما قلت في اجابة
سابقة ان سرعة النشر ادت الى استسهال فعل الكتابة وهذا هو الخطر الذي يهدد الكاتب،
فبالأمس القريب كان الكاتب يقرأ نصوصه مرة ومرتين وثلاث وربما يتركه زمناً ليعود
له في وقت آخر ليرى مدى تفاعله مع النص المكتوب قبل ان يرسله للنشر اما اليوم
فالنص من الحاسوب الى الموقع دون مراجعة!
*لك مساهمات في المسرح البصري..من ينسى مسرحية كاروك ؟
دارك روم؟ على حس الطبل؟ كيف تنظر آلآن للمسرح البصري؟ في ظل رقابات وليست رقابة
مركزية واحدة؟
– للأسف الشديد منذ عام 2003 غاب المسرح البصري ولم يعد موجوداً بالرغم
من بعض التجارب القليلة جداً، لا أحد هنا يهتم بالمسرح وهذه هي الطامة الكبرى،
فيما لا توجد مسارح وقاعة عتبة بن غزوان لا تصلح للعروض المسرحية فهي قاعة
اجتماعات ومؤتمرات اكثر من كونها قاعة عروض مسرحية.. جسد المسرح ينتظر من يعيد له
الحياة، بعد عام 2003 عرضت لي بعض النصوص وهي دارك رووم ولو نطق
الحمار (الاخيرة حصلت على الجائزة الثانية بمهرجان المسرح المدرسي الذي اقيم
بمدينة كركوك وقدمت المسرحية فرقة مسرح تربية صلاح الدين) كما عرضت لي مسرحية
(عربة موتى) في سلطنة عمان وعرضت ايضاً في مهرجان بمدينة الاسكندرية بمصر من قبل
فرق مسرحية عربية وليست عراقية وهذا ما أتأسف له.. وفي عام 2004
عرضت لي مسرحية (زمن مر) اخراج الفنان فائز الكنعاني.. وهناك مسرحيات أخرى،
ويسعدني ان اشكر الصديق المسرحي صباح الانباري الذي اختارني منذ عام لكتابة كلمة
يوم المسرح العالمي غير الرسمية ضمن موقعه المسرحي حيث كانت الكلمة في العام
الماضي للزميل المرحوم محيي الدين زنكنة.
*الطريق الى الملح،ألم تؤدِ الى طرق متنوعة ؟
– الطريق الى الملح رواية صدرت عن دار الشؤون الثقافية ببغداد عام 2000 واعيد نشرها في الدار العربية للموسوعات ببيروت عام 2001 وهناك نسخة مودعة منها في مكتبة الملك فهد بالمملكة العربية السعودية
وللأسف الشديد أن يتهم (ناقد) بصري الرواية بأنها الطريق الى العسكرتارية وهي تروج
لحروب صدام! هذا الامر جعلني اتيقن ان ما يكتبه بعضهم من نقد اليوم ينبع من نزعات
ايديولوجية دون ان يكون النص هو الفيصل.
*هل الجين الوراثي وحده سبب انتقال العدوى المسرحية الى
ولدكم محمد ؟ وانتقال العدوى النتية الى ولدكم مهدي؟
– التصاق محمد كان بسب تواجده المستمر معي في المسرح خلال طفولته واعتقد ان هذا قد
اثر كثيراً في بناء (مزاجه) المسرحي لكنه تخصص في الاخراج المسرحي، اما المهدي فقد
تخصص ايضاً منذ طفولته بالنت وهو بعيد جداً عن المسرح او الشعر.
*آلآن تحديد بماذا يحلم المبدع عبد الكريم العامري؟
– أحلم بوطن آمن، وبزمن يتسع لمشاريعي المؤجلة.
تاريخ الحوار 23 مارس 2011
اترك تعليقا