حكاية عباس بن فرناس البصري
عباس بن فرناس البصري، هذا هو الاسم الذي اختاره له أهل قريته، لم يكن يتوقع ان يتحقق حلم طالما راوده، منذ طفولته وهو يحلم بالطيران، يقلد الطيور في حركتها، لا يتذكر كم مرة هوى من علو وهو يحاول التحليق عالياً بيدين عاريتين.. كبر عباس، وكبر معه حلمه، لكن قصر اليد حال دون تحقيق الحلم، وذات يوم من شهر كانون الاول من عام 2010 برقت في رأسه الفكرة، فكرة صناعة طائرة عمودية، وراح يبحث في سكراب المحلات القديمة عن أدوات وآلات يمكن ان تساعده في تحقيق الحلم..
هذا مدخل لحكاية عباس العيداني، أو عباس بن فرناس البصري..
الطريق المؤدية الى بيته أجبرتنا على عبور شط العرب والاتجاه الى الشرق مسافة أكثر من 20 كيلومتر، هناك، في قرية تابعة لقضاء شط العرب اسمها الفيحاء كان عباس في انتظارنا، رأيناه واقفاً امام الحلم الكبير، الطائرة.. بيت كبير يتوسط بستان فيه كل موسيقى الطبيعة.. تركناه يسرد حكايته فقال:
(هذا الحلم كان يراودني منذ الطفولة وبالرغم من اني قمت بطرح افكاري على زملاء من ذوي الخبرة الا انهم نهوني عنه وقالوا لي انك لن تستطع انجازه.. بدأت افكر بجدية واقتنيت عدد من الادوات التي احتاجها في صناعة الطائرة كانت تلك المواد من محال في اسواق البصرة حتى حانت اللحظة التي يجب ان احقق فيها حلمي).
وبدأ عباس بتصنيع طائرته بمساعدة ولديه محمد ومصطفى، في حديقة بيته، وضع لها التصميم بهمة عالية، لم يثنه حديث جانبي من أبناء قريته وسخريتهم من عمله وان الفشل ملاقيه لا محال.. يقول عباس: (بدأ عملي من مواد مختلفة حديدية والمنيوم وبلاستك وكان عملا شاقا بدأ منذ الشتاء الماضي وقد اضطررت الى تصنيع اجزاء من الطائرة بنفسي واضفت لها بعض الالكترونيات كون اختصاصي الكترون واستخدمت محركاً لسيارة فولكس واجن قديمة واجريت عليه بعض التعديلات التي لا تتوقعها حتى الشركة المنتجة للمحرك ليلائم عمل الطائرة، في البدء كان الناس يسخرون من عملي ولكن عندما وصلت الى مرحلة متقدمة وشاهدوا الطائرة راحوا يثنون على عملي).
الطائرة في مراحلها الأخيرة، ويفكر عباس بن فرناس البصري أن يضعها بعد ان يطير بها في احدى ساحات البصرة أو في متحف بالمدينة لتكون شاهداً على عمل عراقي خلاّق، يقول عباس:
(الان افكر بالرغم من المعاناة المادية حتى جعل بعض افراد القرية الى بيع بقرته ليقدم لي مالاً لاكمال الطائرة وامتنعت عن استلام المبلغ بعد ان شكرته وبالرغم من بيعي لمصوغات زوجتي الذهبية، الا اني افكر في وضع الطائرة في ساحة من ساحات البصرة او في متحف داخل المدينة لتكون شاهدا على القدرات العراقية).
أهالي القرية وبعد ان كانوا يسخرون من عمله عبروا عن فرحهم بالانجاز الذي راوه بام أعينهم واعتبروه عظيماً لاحد ابنائهم ومنهم من اعتبره تأكيداً على ان ابناء الريف بامكانهم ان يحققوا انجازاً كبيراً.
بقي أن نعرف أن الطائرة العمودية التي صنعها البصري عباس تحمل شخصين وتزن 236 كيلوغرام وكشف عباس بن فرناس البصري عن أن الوقود الذي سيستخدمه ليس وقوداً خاصاً بالطائرات أنما وقود خاص يتكون من مادة البنزين والغاز السائل بنسب معينة.
5 مايو 2011
اترك تعليقا