مسرحية
شخوص المسرحية:
مدير المسرح
الممثل
رجل1
رجل2
رجل3
مجموعة عمال المسرح
المسرح خال باستثناء اكفان علقت في عمقه، اضاءة حمراء تسلط على الاكفان. عدد من عمال المسرح يحملون قطع الديكور يضعونها في اماكن مختلفة في المسرح. يدخل مدير المسرح وهو يحمل اوراقاً، ينظر الى الجهة المقابلة له حيث مهندس الاضاءة، يوجه كلامه اليه.
مدير المسرح: هل اتممت عملك؟ أرسلت لك السكريبت ضعه امامك ونفذه بحذافيره. (ينظر الى عمال المسرح صارخا) ما الذي وضعتموه هنا؟ ارفعوا كل شيء. لا نريد أي قطعة ديكور (ينظر الى جانب المسرح ويصيح بأحد العاملين) أنت.. أنت ارفع ذاك الكرسي والطاولة معه. هذه الاشياء تجعل المشهد بليداً!
(يدخل الممثل وهو يحمل سيفا)
مدير المسرح: (ينظر له بذهول) ما الذي تفعله هنا؟
الممثل: أنا ممثل معكم يا سيدي.
مدير المسرح: أعرف ذلك لكني سألتك ما الذي تفعله هنا؟
الممثل: (بحيرة) لا اعرف يا سيدي. المخرج قال لي ادخل الى المسرح.
مدير المسرح: وما هذا الذي تحمله؟
الممثل: (يرفع السيف بيده) سيف..! اشتريته ليبدو حقيقيا.
مدير المسرح: وما حاجتك له. لسنا في عرض تأريخي.
الممثل: لا اعرف يا سيدي. ربما سيتحول العرض الى عرض تأريخي. انا حائر بينكما. المخرج يريد سيفا ومدير المسرح لا يريده. الى من ألتجأ أنا؟ هل تريدني أن أدخل المعركة بدون سيف؟
مدير المسرح: (يشير الى رأس الممثل) سيفك هنا. سلاحك هنا وليس في يدك!
الممثل: (بغباء) فهمتك! تقصد سلاح العقل وليس هذا (يشهر السيف بوجهه).
مدير المسرح: خذ سيفك هذا واخرج من هنا ولا تدخل الا بعد ان يحين دورك.
الممثل: (يخرج راكضا وكأنه على صهوة حصان)
مدير المسرح: (يتقدم نحو الجمهور) سيداتي سادتي. نعتذر جدا عن التأخير الذي لم يكن بارادتنا.
رجل1: (من منتصف القاعة) ومن قال أننا نمتلك الارادة.
مدير المسرح: ماذا قلت؟ لم اسمعك.
رجل1: لم اقل الا لاحول ولا قوة الا بالله!
مدير المسرح: أعرف أنكم انتظرتم طويلاً، لكن ماذا أقول للخلل الفني الذي حدث، لا يهم مثل هكذا حالات تحدث في كل العروض، وقد شكّلنا لجنة تحقيقية لمعرفة أسباب ذلك.
رجل2: (من داخل القاعة) لجنة أخرى؟ قضينا أعمارنا بين اللجان. في كل شيء هناك لجنة تحقيقية، والنتيجة تسجل ضد مجهول.
رجل1: اللجنة التحقيقية أفضل وسيلة لطمس الحقيقة!
مدير المسرح: أرجوكم اخواني. أنتم تؤخروننا.
رجل2: لِمَ العجلة؟ في العجلة الندامة (يضحك)
رجل1: (ضاحكا) وفي لجانكم السلامة.
(الجمهور يضحك)
مدير المسرح: (متضايقا ومبررا) لا أقصد اهانة أحد، لكن الكلام الجانبي يؤخر العرض المسرحي.
رجل3: (في منتصف القاعة يحمل فولدر المسرحية) في هذه البطاقة ذكرتم وقت العرض لكنكم تأخرتم كثيرا.
رجل1: لم أحضر لهذا العرض الا من أجل عنوانه. لا للحب! قلت في نفسي ربما سأجد فيه ما يملأ فراغي العاطفي!
مدير المسرح: لسنا في كابابريه. هناك خطأ مطبعي حصل بالبطاقات. نعتذر لكم. المسرحية عنوانها لا للحرب!
رجل1: يا لخيبتي! ما أكثر اخطائكم واعتذاراتكم كنت أظنها تتحدث عن الحب. نحن نحتاج الى جرعات من الحب وليس خيبات حرب!
مدير المسرح: سقطت الراء سهوا.
رجل2: يا لبؤس حرف الراء المسكين في حياتنا يسقطونه سهوا لنبتلي بما يحدث.
مدير المسرح: هو حرف واحد لم يحدث شيئا.
رجل1: حرف واحد يا رجل؟! هذا الحرف الذي تقول انه لم يحدث شيئا يغيّر خرائط دول، ويهجم بيوتا، ويرمّل نساءً.
مدير المسرح: قلت لكم سقط سهوا.
رجل2: سقط وأسقط معه كل سني أعمارنا!
مدير المسرح: تأكّد يا أخي، نحن هنا ننبذ الحرب ونتصدى لها.
رجل2: بل قل تنبذون الحب. لا فرق، حرف واحد سقط سهوا.
مدير المسرح: (متضايقا) سامحك الله. لسنا في اجتماع قمّة لنناقش هذا الأمر. دعونا نعود الى مسرحيتنا.
رجل1: ما أخبار اللجنة؟
رجل2: (بصوت عال) حالها حال اخواتها من اللجان السابقة.
رجل3: (ينهض من مكان وبصوت عال) يا اخوان دعوهم يبدأون مللنا تلك الجنجلوتيات. لجنة تأتي وأخرى تروح.
رجل1: (معترضا) وما الذي نصّبك محامياً لتدافع عنهم؟
رجل2: لا عتب على الذيول!
رجل3: (غاضبا) احترم نفسك وحسّن من ألفاظك. لست ذيلا لأحد.
رجل1: وما الذي تسمّي دفاعك عنهم؟
رجل3: أنا لا أدافع عن أحد. أنا أطالب بحقي في مشاهدة المسرحية.
رجل1: كلنا نريد أن نشاهد المسرحية.
رجل2: (ضاحكا) عن أي مسرحية تتحدثون؟ نحن صرنا مسرحية!
مدير المسرح: اعطيتكم وقتا كافيا. ارجو انهاء هذا الجدال العقيم. نحن هنا لا نسمح بحديث يعزز الكراهيّة.
رجل1: ياااه.. الكراهية! أنتم تجاوزتموها من زمان وصارت ضيّقة على أنفسكم. أنتم تجاوزتم كل شيء الطائفية والمناطقية أيضا.
مدير المسرح: (يحاول ان يهدئ الوضع) ان سمحتم رجاء. دعوني أكمل ما بدأت. يا اخوان ان لم تكونوا حريصين على وقتكم فكّروا بالآخرين.
رجل2: وهل فكّرتم أنتم بالآخرين؟ ها…؟ هل فكّرتم بنا. هل احترمتم أعمارنا وسنواتنا التي ضاعت؟
رجل3: كف عن هذا الكلام يا أخي. دع الرجل يكمل حديثه.
رجل1: متى يبدأ العرض؟ مللنا الانتظار.
مدير المسرح: لو التزمتم بالهدوء سأكمل حديثي.
رجل1: حسنا.. حسنا. (مع الجمهور) سمعتم يا اخوان ما قاله الرجل. اوقفوا النقاش.
مدير المسرح: احسنت. هذا عين العقل.
رجل2: (ضاحكا) عينه أم ذيله!
(الجمهور يضحك)
مدير المسرح: (يحدّق بالجمهورثم يتفحّص الأوراق التي بيديه)
رجل3: (ضاحكا) يبدو أنه نسى ما كان يقوله.
رجل1: (مع مدير المسرح) كنت تتحدث عن الخلل الفني الذي أخّر العرض.
مدير المسرح: (نظرة للأوراق وأخرى للجمهور) نعم. نعم هذا ما أردت أن أقوله. (يستعيد أنفاسه) في كل العروض كما تعلمون يحدث مثل هذا الخلل وهو خلل طبيعي لن يترك أثرا. لأننا بشر أيها السادة والسيدات والبشر –كما تعلمون- غير معصومين من الخطأ.
رجل2: اخبرنا يا رجل ما هو الخلل هذا. ربما نستطيع ان نساعدكم في اصلاحه فالقاعة لا تخلو من المهندسين والميكانيكيين وأصحاب الحرف.
مدير المسرح: لا نريد منكم الا الصمت والتحمّل.
رجل2: نصمت بينما أنتم تبررون!
مدير المسرح: نحن لا نبرر. هذه الحقيقة. ان لم تعجبكم تستطيعون ان تغادروا القاعة.
رجل3: بعد كل هذا الانتظار تدعونا للمغادرة؟ ألا يكفي من غادر منا ولم يعد. أتريدون أن تجهزوا على الباقين منا.
مدير المسرح: نحن نقرر وأنتم تنفذون.
رجل2: لسنا بهائم كي تتصرفون بنا. نحن روح المسرح، بدوننا لا يمكنكم أن تستمروا.
رجل1: (الى رجل2) يا أخي الرجل لم يقل ما يدعو للغضب. انصتوا اليه.
رجل3: يبدو أننا اخطأنا يوم قبلنا بكم. وقفنا معكم ظناً منا انكم ستقدمون لنا ما حرمنا منه، وانكم ستنصفوننا، وتقدمون لنا كل جمال كنا نحلم به.
رجل2: شهدنا فرقا مسرحية كثيرة، لكن فرقتكم هذه لم تخطر على بالنا. شيء عجيب وغريب، كل ما فيها محيّر.
مدير المسرح: صه يا هذا! انت تحرّض الجمهور علينا، وهذا الأمر لا يمكن السكوت عليه.
رجل3: يبدو اننا لم نتفق على حل يرضي الجميع.
مدير المسرح: اذا كنتم تظنوننا نوقف المسرحية فأنتم واهمون! ستبقى المسرحية وتستمر بكل فصولها، لا يمكن لأي صوت أن يعلو على صوت المسرحيّة. وان كانت هناك اخطاي فهي منكم. انتظرونا قريبا في فصل مثير!
(يخرج مدير المسرح غاضبا)
رجل2: (يتوجه نحو خشبة المسرح) اذا كانت هناك اخطاء فهي منكم! هذا ما قاله. هل سمعتموه؟ نحن الخطأ المقصود وهم الصح. (يرتقي خسبة المسرح) من يشعر منكم ان ما قاله مدير المسرح هو الحقيقة ويجب تصحيحها فليصعد هنا. هنا يتم التغيير. هلموا معي لنغلق الستار وننهي المسرحية ونطفئ كل الاكاذيب وابر التخدير التي استعملوها معنا. هنا التغيير. ليكن صوتكم أعلى من اصواتهم..
(يصعد الجمهور على خشبة المسرح بينما تسمع موسيقى لنشيد وطني)
اظلام
ابتدأت في 12 ايلول 2020
انتهت في 22 ايلول 2020
اترك تعليقا