ساجدة العبادي: كل صفاء العالم وجماله
اقتطفت يد المنون نهار هذا اليوم 27 كانون الثاني 2009 روح الزميلة الاعلامية والشاعرة ساجدة العبادي..
هذا مدخل لايضاح الألم الذي طالما كبتناه في صدورنا، وهكذا يحكم علينا القدر في أن نبلغ برحيل احبتنا.. فبالأمس الروائي الكبير كاظم الأحمدي واليوم ام رغيد هذه الانسانة التي قدمت للعراق منذ سقوط النظام السابق وحتى لحظة وفاتها عصارة جهدها وشبابها حين عملت معي في جريدة المنارة العراقية والعشار ومجلة البشائر وكذلك جريدة الأفق التي ترأست تحريرها عام 2004..
عملت العبادي في منظمات المجتمع المدني وتراست منظمة المرأة العراقية وشاركت بدورات عديدة داخل العراق وخارجه.. فكانت رحمها الله مواضبة في عملها مخلصة له.. لا اقول هذا لأنها غادرتنا في لحظة نحن أحوج فيها الى المخلصين الصابرين الأوفياء للعراق وانما لأعزي نفسي بها واعتذر منها لأن الفرصة لم تسنح لي للقاء بها حين زيارتها الأخيرة الى مدينة السليمانية.
أصيبت العبادي بمرض عضال.. ولم تستطع العملية الجراحية التي أجريت لها من أنقاذ روحها.. كما لم ننجح نحن في تحفيز الحكومة العراقية على معالجتها وكم حاولنا ان نتعلق بأمل الحكومة، وكتبنا مقالات ومناشدات ولكن.. لا حياة لمن تنادي..
رحم الله الشاعرة الاعلامية ام رغيد ورحمنا ايضاً.. واعتقد ان قصيدتها التي ساذكرها كافية لاستكشاف دواخل هذه الانسانة الرائعة..
صبراً اخي جاسم (أبو رغيد)، فقد صبرت كثيراً، وتألمت كثيراً، وتحملت كثيراً وها قد رحلت الانسانة التي نحمل في داخلها كل صفاء العالم وجماله.. رحلت ساجدة وهي تشير الى هذا الالم المقنع:
لا ادري ما الذي ينتابني
هل نصدق مع أنفسنا
حين نؤطر رغباتنا
بأحلام واهمة..
واذ أهدي قصيدتها (لئلا نعجز عن تذكر أوجاعنا) ادعوكم ان تتذكروا اوجاع انسانة كانت وما زالت تشع ضياء وبهجة.. تلك هي ساجدة العبادي.
لئلا نعجز عن تذكر أوجاعنا
ساجدة العبادي
نصارع وحدتنا
تطالعنا وجوه متعبة
نسير مرغمين
باتجاه الريح
هكذا تبدأ حياتنا
نذبحها على السفن الراحلة
تدفع صوارينا
رياح عاتية
•
•
– هل تأتين معي الليلة …..؟
نستذكر أحلامنا
اليسار ..
– أين تغيبين ؟؟
أنا ابحث عنك في حلمي
لن استطيع التفوه
بما في داخلي
اشعر أن إحساسا يخامرني
لأنك رافقت غربتي
أحاسيسي لا تكذب
حين تنطلق بي
لا ادري ما الذي ينتابني
هل نصدق مع أنفسنا
حين نؤطر رغباتنا
بأحلام واهمة
•
•
بيروت أضواءها
تبدو حزينة في ناظري
كلانا ينتظر صبحا
يشرق على وجوهنا المتعبة
أطفال ينتظرون موتهم
وهي تنتظر أوجاعها المدمرة
انتظر آلاما لم اعد احتملها
قذائف تلوح أمام عيني
قد نشاهد بعضنا عبر تراكماتها
وسط ضجيجها
دخان يتصاعد عبر شوارعها
– أين أنت يا اليسار
أقدامي لا تكاد تحملني
جسدي بدا ينتفض
هل تشعرين مثلي برهبة الخوف
وقتامه المصير
حين تتقطع أوصالنا
في جحيمها
•
•
تتقاطع أصابعنا
على حائط الغرفة
نتوقف منصتين بهلع
هل سنكون بحاجة لمن ينقذنا
عند هبوب العاصفة
أم أن أقدامنا
ستستل أجسادنا
تدفع بها نحو الهروب
أم سنواجه مصيرنا
بين أركان أربع
•
•
مصير مروع يعيش بنا
وتعيش به ذاكرتنا
ربما هي نهاية أحلامنا
بيروت تحتضر بين اعيننا
وفي رؤوسنا
بيروت أغنية وغانية وساق
الشوارع تدفع بأقدامنا
– شارع الحمرا
– سنكون في مأمن هناك
فالمتاجر لن تقفل أبوابها
ولن تغيب أنوارها
عيوننا مفتحة
على الأبواب المغلقة
الغرباء هنا يصطحبون حبيباتهم
يدلون بذكرياتهم
منصتين إلى أصوات المفرقعات
نسمع دقات قلوبنا في حذر
– هل تعودين معي
(اليسار صامتة
قالت هل…….
– لا ياسيدتي
ما نشعر به نوع من القرف
المدينة واجمة بعشاقها
لن تغلق الجنة أبوابها
ولن تهاجر تاركة أشياءها
أمتعتنا ترفض الرحيل
وأقدامنا تحفر آثارها
في رمال الشواطي قبالة أوجهنا
سنقف أنا وأنت
– اصرخ يا اليسار
وتصرخين بي ليتها الغريبة
كلانا نفتح عيوننا
خوفا من أن تركلنا
تلك الطائرات المدوية
والدبابات الزاحفة
إلى المنحى البعيد
سأظل صامتة
لان ما أراه قد يوقف ذكرياتي
لعل حلما في داخلي يتحقق
– ربما حلمي وحلمك
أن نموت سويا
أو نحيا سويا
– الآن عرفت انك تشعرين بموت يومي
هؤلاء المنسدلون من نوافذهم مثل الستائر
يعلقون على وجوههم الخوف
ومن أفواههم تبدو روائح الخمر
في رؤوسهم المستطيلة
شيء من القلق
القرفصاء تريحنا
– أقدامي متعبة
– لا تخافي أيتها البائسة
فكلانا نعيش نفس المصير
وكلانا ضائعتان في أزقة وحواري
الظلام يسيطر على أوصالنا
ونحن ننصت للهاثنا
وللآخرين
وهم يحملون مظلاتهم وأمتعتهم
مغادرين …….
………………………………..
هكذا سنظل
كلانا في الغربة
نسير كما نحن
في فضاء لا يضيق
بيروت 2008
الحوار المتمدن-العدد: 2544 – 2009 / 2 / 1
اترك تعليقا