هي.. وهو!!

الشخوص

١- الزوج: رجل في الثمانين من عمره

٢- الزوجة: شابة في العشرينيات

صالة، الزوج جالساً في جانب والزوجة في جانب آخر من الصالة.

الزوج: (ملتفتا الى الزوجة) هاتِ لي علبة الدواء..

الزوجة: (تكتفي بالنظر اليه، تأخذ علبة الدواء من طاولة أمامها، تذهب نحوه، تقدم له الدواء)

الزوج:  (ينظر لها بابتسامة) أتعبتك معي.

الزوجة: لا عليك، المهم أن تكون بخير.(تذهب وتجلس في المكان الذي كانت جالسة فيه)

الزوج: (وهو يتناول الدواء) ما بك اليوم، أراك صامتة، لم اسمع منك ولا كلمة منذ صحوت..

الزوجة: وما الذي تريدني أن أتحدث فيه.

الزوج: ليست هذه عادتك.

الزوجة: وما هي عادتي، الثرثرة.. ها.. قل لي هل تفاجأت بصمتي..

الزوج: لم أعنِ هذا

الزوجة: كل شيء هنا يدعوني للصمت، لا حاجة لي للكلام أو فتح أي موضوع لأنك سرعان ما تغلقه.

الزوج: تعرفين جيدا، أن التفاهات لا تعنيني.

الزوجة: (باستغراب) تفاهات! أتعتبر عيد ميلادي تفاهات؟

الزوج: ليس عيد ميلادك أنما تلك الكماليات التي لا أجد ضرورة لاحضارها وشرائها..

الزوجة: وكيف يحتفل الناس بأعياد ميلادهم دون تلك التي تسميها الكماليات.

الزوج: ألا يمكن أن نكتفي بالقليل؟

الزوجة: وما هو القليل برأيك؟ قدح ماء، وبدلة من مشتريات العام الماضي..

الزوج: لكنك لم تلبسينها الا مرة أو مرتين.. مرة في حفل زواج أخيك والثانية (يحاول ان يتذكر) الثانية.. (يضع يده على رأسه) ذكّريني أنتِ لقد نسيت..

الزوجة: لو كنت مهتما لما نسيت.

الزوج: كيف لا أكون مهتماً..

الزوجة: وضعك هذا، واهمالك لي.. وفوق كل هذا بخلك الشديد..

الزوج: بخلي الشديد.. أنا لست بخيلاً..

الزوجة: إثبت لي كرمك (باستهزاء) لم تفكر ولو للحظة أن تأخذني الى مطعم، أو أن نخرج في نزهة معاً..

الزوج: أنت تعرفين جيداً بأني أفضّل البقاء في المنزل على أي نزهة.

الزوجة: لأنك لا تحب أن تخرج معي.

الزوج: سبق وان خرجت معك.. أين هي المشكلة؟

الزوجة: المشكلة تعرفها جيداً..

الزوج: (متضايقاً) هل تعجبك نظرة الناس لنا؟

الزوجة: هذه هي المشكلة إذن، الناس.. ومن قال لك أني أهتم لما يقوله الناس؟

الزوج: نظراتهم تحرجني..

الزوجة: لكنني لا أحرج منها..

الزوج: لا أحب أن أضع نفسي في موقف محرج.

الزوجة: يا رجل، أنا زوجتك.

الزوج: (بصوت عال وبغضب) الناس يظنونك ابنتي، أو حتى حفيدتي.

الزوجة: لا يهمني ما يظنونه، ما يهمني هو أن نبقى معاً..

الزوج: أتعرفين يوم خرجنا معا ما الذي قاله عامل الكشك الذي ذهبت لاشتري منه المرطبات.. قال لي، اطلب من إبنتك أن لا تجلس على ذاك الكرسي المصبوغ..

الزوجة: وما الضرر في قوله فأنا ابنتك، وزوجتك، وحبيبتك.. هل نسيت ما كنت تقوله لي في أيام الخطوبة.

الزوج: (مبتسما باحراج) أووف، وتتذكرين.. أنت كمبيوتر.

الزوجة: كل كلمة جميلة سمعتها منك ما لت احتفظ بها في رأسي.

الزوج: ألم أقل لك أنت كمبيوتر..

الزوجة: اسخر كما تشاء!

الزوج: لماذا تعتبرينها سخرية.. لِمَ لا تقولين أنها إشادة بك وبذاكرتك..

الزوجة: لم أسمع منك ما كنت أحلم به، كل ما أسمعه لم يعد سوى سخرية..

الزوج: هكذا أنت دائماً، تتمسكين برأيك وتعتبرين كل قولي سخرية..

الزوجة: لأنك لم تقل لي ما اعتبره غير هذا.

الزوج: (منزعجاً) أرجوك، إطوِ هذه الصفحة.

الزوجة: كم من صفحة أطويها لأقنعك..

الزوج: (ما زال منزعجاً) أووه، صفحاتك لا تنتهي (ينهض) حان وقت نومي.

الزوجة: عهدتك دائماً تتهرب من قول الحق.

الزوج: أنا استسلم.. الحق معك..

الزوجة: قلها بقلبك وليس بلسانك.

الزوج: أنت تعرفين جيداً أن ما في قلبي ينطقه لساني.

الزوجة: واضح جداً..

الزوج: وما هو غير الواضح..؟

الزوجة: قلت واضحاً..

الزوج: اعتقد أن علينا انهاء هذا السجال، الوقت تأخّر، ليس من العادة أن أبقى ساهراً لحد هذه الساعة. (يذهب الى الغرفة)

الزوجة: (تنظر له غير راضية، تنهض من مكانها، تتحرك نحو المكان الذي كان يجلس فيه الزوج، تمسك هاتفه الذي نسيه) لقد نساه (تحدق بالهاتف) هذا الهاتف احسبه ضرّة لي، كل نهاره منشغل فيه (تقوم بفتحه وتحدق في الشاشة) ما هذا..؟ رسائل صباحية، وأخرى مسائية، ما شاء الله، هذه لمن؟ (تقرأ) زهرة اللبلاب.. (تبتسم) أي اسم هذا؟ زهرة اللبلاب.. لأقرأ ماذا كتب لزهرة اللبلاب هذه، (تقرأ مع نفسها متفاجئة) ها.. صباح الورد والعطر.. ما هذا الكلام؟ ورد وعطر، تنثر ورودك وعطورك هنا وتتناساني وأنا معك.. (تقرأ) وهذه لمن؟ ندى الصباح، أي أسماء هذه..؟ زهرة اللبلاب وندى الصباح… لأرى ماذا يقول لها هي الأخرى (بتعجب) ماذا؟ أشتاق كثيراً لندى الصباح.. أي اشتياق هذا؟ وأي كلام.. أما كان عليك أن توجه لي مثل هذا الكلام..

الزوج: (يعود مسرعاً، يسحب منها الهاتف وبعصبية) ألم أقل لك أن لا تفتحي هاتفي..

الزوجة: (ساخرة) وما الذي أقوله لفضولي..

الزوج: غير مسموح لك أن تبحثي فيه..

الزوجة: (بخبث) قصدك أن لا أقرأ ما فيه من رسائل..

الزوج: لا شيء فيه يخصك..

الزوجة: العطور والورود والندى والاشتياق لا تخصّني بل تخصّهن..

الزوج: تلك ردود لرسائل عادية..

الزوجة: أما كان عليك أن تكتفي بالشكر فقط.. ان تقول شكرا لك.. هل يحتاج الرد لمثل تلك الحميمية.

الزوج: وهل تريدينني أن أكون فجّاً..

الزوجة: (ساخرة) لا أريدك أن تكون فجّاً معي، رقيقاً معهنّ..

الزوج: أنت تجعلين من الحبّة قبّة..

الزوجة: أنا أم أنت؟

الزوج: كلامك هذا قد طيّر النوم من عينيّ..

الزوجة: حاجتك الى هذا (تشير الى الهاتف) أكثر من حاجتك للنوم.

الزوج: متى تفرقين ما بين الواقع والافتراضي؟

الزوجة: الأحرى أن تفرّق أنت بينهما ولست أنا.. أنت في هذه الردود تستنزف طاقتك.

الزوج: ردّ واحد وتقولين استنزف طاقتي..

الزوجة: (تشير بإصبعيها) بل ردّين، أو أكثر، ليس واحداً.. ربما هناك رسائل أخرى لم  أرها.. فمن يفعل مرة يفعلها مرّات!

الزوج: أنت بحاجة الى طبيب نفسي ليخرجك من أوهامك.

الزوجة: الأوهام التي تتحدث عنها وجدتها هنا في هاتفك (تشير الى الهاتف) لست بحاجة الى طبيب نفسي قدر حاجتي لزوج يشعرني بوجودي معه وبقيمتي معه كزوجة.. لم أسمع منك كلمة مثل تلك الكلمات التي قرأتها تشعرني بذلك منذ سنوات.. أما كان عليك أن تقولها لي وجهاً لوجه، ما الذي يمنعك من قولها، ألم أكن زوجة مطيعة ومخلصة.

الزوج: ليس من حقك أن تبحثين في هاتفي، تلك خصوصياتي.

الزوجة: لا خصوصية بين الزوج وزوجته الا اذا كان هناك ما يمنع من ذلك.

الزوج: وما الذي يمنع برأيك؟

الزوجة: العلاقات الجانبية والاعجابات التي لا مبرر لها..

الزوج: لسنا وحدنا في هذا العالم لنحشر أنفسنا في مكان ضيّق.. الحياة فيها كل شيء..

الزوجة: (مع نفسها) لسنا وحدنا في هذا العالم، طيّب، أيرضيك أن أكتب أنا لرجل ما ما كتبته أنت لهنّ..

الزوج: (غاضبا) ما هذا الهراء الذي تتلفظين به، كيف أسمح لك أن تتحدثي مع رجل آخر..

الزوجة: وكيف تسمح لنفسك أنت أن تتحدث مع أخريات.. الحلال لك والحرام لي..

الزوج: (ما زال غاضباً) هل جننتِ يا امرأة… أي كلام هذا (يفكر قليلاً، يحدّق بها) هل فعلتِ هذا؟

الزوجة: هل تشك بي؟

الزوج: ما أسمعه منك يجعلني أشك..

الزوجة: ألا تثق بي؟ (تصمت لحظة) ها.. فهمت، تظنني مثلهنّ، يا لتعاستي وسوء حظّي.

الزوج: خير لك أن تندمي على ماقلتيه لا أن تندبي حظّك.

الزوجة: لقد تغيرت كثيراً، لم تكن هكذا من قبل.

الزوج: كل شيء في هذه الحياة يتغيّر، وهو زائل أيضاً..

الزوجة: الا الحب، لا يمكن أن يزول أو ينتهي (بسخرية) والدليل أن قلبك صار يسع كل تلك النساء.

الزوج: (متضجراً) ها قد عدنا..

الزوجة: حتى تمحو كل ما كتبته..

الزوج: (مستسلماً) اذا كان هذا يريحك سأمحوه الآن..

الزوجة: (بمكر) ليس من الهاتف، بل من قلبك.

الزوج: لا شيء في قلبي من هذا..

الزوجة: تصرّف المرء يوحي بما يخفيه في قلبه..

الزوج: مجنونة أنت..

(يرن هاتف الزوجة، تنظر فيه ومن ثم تغلقه)

الزوج: لماذا لم تجيبي؟

الزوجة: ليس مهماً..

الزوج: من هو؟

الزوجة: ما أدراك في أن المتصل هو وليس هي..؟

الزوج: لأنك لم تجيبي..

(يرن الهاتف مرة أخرى، الزوجة تنظر الى هاتفها ومن ثم الى الزوج، تغلق الهاتف)

الزوج: (يكتفي بالنظر اليها ثم يذهب غاضباً)

الزوجة: (الى زوجها) الى أين؟

الزوج: حان موعد نومي..

الزوجة: لكني لم أكمل حديثي معك.

الزوج: (دون أن يلتفت لها) اكمليه مع الطرف الثاني (يدخل الغرفة)

الزوجة: (تنظر الى الهاتف ومع نفسها) ما الذي يجري هنا..؟

اظلام- ستار

البصرة في ١-١٢-٢٠٢٢ س ١٢:١٠ فجراً

البصرة في ١٤-١٢-٢٠٢٢ س ١:٣٠ فجراً 

Share: