نجيب محفوظ.. موت واقعي
غيّب الموت قبل ايام، أديب الواقعية العربية، والحائز على جائزة نوبل عام 1988، الروائي العربي نجيب محفوظ.. عن 95 عاماً قضاها بالجد والمثابرة والكتابة الواعية للواقع المصري.. فما بين ولادة محفوظ في عام 1915 وحتى وفاته في خاتمة شهر آب 2006 سنوات من الابداع لهذا الأديب الذي طالما اقتنينا رواياته ونحن صغاراً وشباباً..وقرأنا له اجمل ما كان يدغدغ مشاعرنا، وحواسنا، عشنا مع ابطاله.. فقرائه واحلامه، حلمنا معه.. وكنا نهرّب أولاد حارتنا، ونحفيها عن أعين آبائنا وامهاتنا.. نتهجأ الحب من بين سطور الروايات، نتقمص شخصية هذا او ذاك.. نكتب رسائل غرام الى حبيبات لم تكن سوى خيوط احلام.. نستعير من حوارية له هنا كلاماً في الحب والشوق..ونستعير من تلك بعض مشاهد لم يسمح لنا أن نعيشها.. كان وجه الشيخ يدور في مخيلاتنا، نرسم له أجمل اللقطات.. ونشير الى رواياته ما يجعل حياتنا أكثر سعادة..
عاش نجيب محفوظ حياة مصرية قضاها بين ابناء شعبه، ينقل للعالم ذاك الواقع المأساوي.. واقع الآمال والتطلعات.. واراد قبل توقفه عن الكتابة في خمسينيات القرن الماضي ان يغير العالم القديم لكنه فوجئ بالثورة وقد قامت بما لم يستطع القيام به وهو التغيير.. هذا ما نقل عنه، وهناك كثير من الأحلام في رأس المبدع العربي نجيب محفوظ تلك التي لم تستطع أن توقفها طعنات السكين التي تلقاها بعد حصوله على جائزة نوبل عن روايته اولاد حارتنا والتي منعت في مصر.. كان محفوظ فلاحاً مجيداً وابناً باراً للتراب المصري، فمن خلال رواياته نستطيع ان نحدد مدى وفائه لمصر الكنانة وابنائها.. وللعرب على حد سواء.. فمن خان الخليلي الى زقاق المدق الى الحرافيش صور عديدة لقاع المدينة المصرية فهو المعبر الحقيقي لمشاعر وآلام المسحوقين من ابناء تلك المدن المتعبة.. وهو الحامل طيبة (الحواري) المصرية في ثلاثيته بين القصرين وقصر الشوق والسكرية.. وهو المعبر عن الواقع الذي حاول ان يكون جميلاً وصادقاً ولكن هل تحقق حلم محفوظ ؟
رحم الله الروائي العربي الكبير نجيب محفوظ .. ورحم الله ادبنا العربي، ورحمنا نحن القراء الفقراء الذين قدمهم محفوظ على طبق من عذاب.
الحوار المتمدن-العدد: 1662 – 2006 / 9 / 3
اترك تعليقا