المواطن العراقي آخر من يعلم
ما زالت مشكلة زيادة أسعار محروقات الوقود ساخنة، وما زال الشارع العراقي في كل جزء من العراق يتحدث عن تلك المشكلة التي جاءت بشكل غير متوقع صدمت المواطن وجعلته يعدل عن كثير من القرارات التي أتخذها قبل الانتخابات الماضية وطرحت المشكلة كثير من التساؤلات على مستوى البيت العراقي البسيط وزادت من زعزعة الثقة بين أفراده ومنهم من يؤيد القرار ومنهم من لا يؤيده وبعنف لكن المؤيدين للقرار لم يكونوا سوى بضع مستفيدين منه.. المهم أن تلك الزيادة أرهقت العائلة العراقية الخارجة تواً من أزمات كثيرة ليست أكبرها حرب أميركا.. وتلك الزيادة غيرت حركة العقل العراقي وجعلته يفكر في الخطر المحدق به خاصة وأن مثل هكذا قرار إذا أصبح واقعاً ستعقبه ربما قرارات أخرى أكثر ضغطاً مما سيزيد من المعاناة التي انتظر الجميع ان تزول بإشراقة شمس الديمقراطية الموعودة.. وتقول التقارير ان القرار المذكور (وأعني زيادة أسعار محروقات الوقود) صدر بعد موافقة الجمعية الوطنية ومصادقتها عليه ولا ادري هل أن تلك الموافقة أو المصادقة صدرت من الجمعية فعلاً أم هي مجرد توابل صحفية استخدمها زملاؤنا لترويج الخبر.. المهم أن القرار طبق وباسم الجمعية الوطنية العراقية التي تمثل الشعب العراقي وهذا يعني أن الشعب قد وافق ضمناً على قرار الزيادة خاصة وأن أغلبية (الوطنيين) قد قالوا (موافج!) إذن لماذا يخرج الآلاف من الناس الى الشوارع في جميع المحافظات العراقية مستاءين من القرار الذي قصم ظهورهم.. ألم يوافق أولئك الناس على القرار بموافقة ممثليهم في الجمعية.. ألم ينتخبوا ممثليهم بملء إرادتهم ويضعوا ثقتهم بهم فلماذا يتظاهرون اليوم؟ هذه الأسئلة لم تشغلني لوحدي إنما شغلت كثير من الناس البسطاء ومنهم من عض أصابع يديه ندماً (ولا ندري على ماذا!).. حقيقة أن المواطن الذي اعتبره احد الأخوة من ساسة العراق؛ ذخيرة العراق، ونحن نسميه: مادة البلد، هو آخر من يعلم وأول من يتظاهر، ولكن من سيستمع لصوته بعدما استنفد في العمليات الديمقراطية السابقة؟
ورغم كل ذلك، وحتى وإن كانت هناك ضغوطات من منظمات او هيئات دولية كما جاء في تبريرات القرار فأن على الأخوة في حكومتنا الفاضلة أن لا تكون قراراتهم بالحزم الذي يرهق المواطن ويؤذي العائلة العراقية كما حصل في قرار زيادة أسعار الوقود ذلك لأن وقود العراق ونفطه ملكاً عراقياً صرفاً لا دخل لأي طرف في العالم به سواء دعمته الحكومة او وزعته بالمجان فالذي يهمنا هو أن لا ننجر الى قرارات قد تبدو من وجهة نظر اقتصادية جيدة ومن الممكن أن تحقق الخير للعراق في الأجل البعيد وننسى أننا بحاجة لانتشال المواطن العراقي من هاوية الجوع والعوز والفاقة والبطالة وما الى ذلك من آفات قاتلة هو متخم فيها الآن ونعمل بما يحقق له الرفاهية ولأبنائه لنكون جديرين بثقته في انتخابات الأربع سنوات المقبلة.
الحوار المتمدن-العدد: 1421 – 2006 / 1 / 5
اترك تعليقا