ليس دفاعاً عن فضائية الفيحاء

تعود المواطن العراقي في ان يرى ويسمع ويقرأ ذات الموضوعات من خلال مؤسسة شمولية أخذت على عاتقها توجيه مؤشر الوعي الشعبي لدى عامة الناس بما يجعل النظام قوياً ومهاباً ودرجت تلك المؤسسة التي كانت ثقافية باسمها وعسكرية استخباراتية بتعاملها اليومي مع المواطن الذي يستخدم وسائلها سواء كانت اذاعة أو تلفزيون أو صحف.. ويوم كان الستالايت حلم العراقيين كانت محطتان تلفزيونيتان تصدّع رؤوس العراقيين بأقوال القائد ووصايا القائد وزيارات القائد التفقدية الى قطعات الجيش في جبهات القتال أو في الثكنات الخلفية ومنها الى آراء في ذاك الخطاب وذاك حتى غدا هذا الجهاز الحيوي (التلفزيون) بعبعاً مخيفاً للعائلة العراقية يخشى الرجال والناس أن يتحدثوا بخصوصياتهم امام جهاز التلفزيون خشية أن يسمعهم مخبر التلفزيون وعيون القائد المتلصصة! كل ذاك كان يشكل ثقلاً على المواطن المثقف أو البسيط وكانت الحرية مجرد حلم ربما استطاع تحقيقه عدد من الزملاء الأدباء والإعلاميين الذين هربوا من لظى عراق أواخر القرن الماضي اما نحن فبقينا في آتون لن يهدأ أبداً وعيوننا ترنو الى الأصدقاء الذين ينشرون لنا قصيدة هنا ومسرحية هناك ومقالاً في صحيفة عربية تصدر في الغرب، وما ان سقط النظام وتغيرت المؤسسة الثقافية والإعلامية وألغيت وزارة الإعلام بكاملها بدأ عصر جديد من الحرية ينبثق مع عدد من القنوات الفضائية العراقية والتي تبث من خارج العراق وبدأ المواطن العراقي يجد فرصة في التعبير عن آرائه بحرية كبيرة رغم أنه في أول الأمر كان حذراً من الإدلاء برأيه من خلال تغيير نبرة صوته او اسمه او لقبه لكنه بدأ يعي أهمية ان يكون صوته مدوياً.. وبدأ في العراق مقابل ذلك أناس لا هم لهم الا اتهام هذه القناة بولائها لهذا الطرف وتلك القناة بولائها للطرف ذاك ولا ندري لم يفعلون ذلك اللهم الا لأنهم يريدون خنق الحرية واغتيالها من جديد بعد ان أزيل غطاء الرقيب والمخبر والعيون المتلصصة.. وقد اثبتت خلال السنتين الماضيتين قنوات عراقية جدارتها في العمل الوطني الذي تحتمه عليها ظروف العراق الداخلية وعلاقتها بدول الجوار أو العالم ومن تلك القنوات تقف الفيحاء العراقية نخلة باسقة بسعفها وخضرتها وآرائها التي استطاعت أن تجمع العائلة العراقية بكل أطيافها وألوانها وأن تكون منبراً حراً للعراقيين من خلال برامجها اليومية وبرلمانها الحر الديمقراطي (فضاء الحرية) ذلك البرنامج الذي يعده ويقدمه الإعلامي المتميز محمد الطائي الذي فتح أفقاً جديداً للمشاهد العراقي ليبدي برأيه بكل حرية وديمقراطية، صحيح أن هذه التجربة في البدء كانت مثار حديث في الشارع العراقي ذلك لأن مواطننا لم يرد من حديثه الا تفريغ شحنات الغضب من داخله، لهذا، فكلمات جارحة من هذا أو ذاك كانت طبيعية في مثل تلك الفترة لكن الفيحاء استطاعت أن توضب الحس العراقي الشعبي وتهيأه لكي يكون صريحاً مثقفاً لا تجاوز فيه على أحد.. وأستطاعت الفيحاء أن تأخذ زمام الدفاع عن حقوق الشعب العراقي في لجة الضجات الإعلامية التي تحدث بين فترة وأخرى واستطاعت أيضاً ان تكون قناة العراقيين في داخل العراق وفي خارجه واذا كانت الفيحاء قد تعرضت الى بعض التهديدات من أطراف لا تريد الخير لعراقنا فأنها ادت رسالتها الإعلامية بصبر وجلد وحكمة ولم تبتعد ابداً عن الألم العراقي اليومي رغم ساعات بثها القليلة والتي نأمل أن تتوسع أكثر

الحوار المتمدن-العدد: 1423 – 2006 / 1 / 7 

Share: