شتان ما بين رضيع كربلاء ورضيع رفحاء!
في البدء لم اكن ارغب في الخوض بهذا الموضوع الشائك والذي لم يجد اهتماما مطلوبا في الشارع العراقي، هذا الشارع الذي ابتلي بكثير من المصائب وبددت ثرواته وخيراته دون (وجع قلب)! واعني بالموضوع هو قانون رفحاء هذا القانون الذي فصّل كما يريد المفصّلون للانتفاع من ثروات العراق. ومن مسؤوليتي تجاه ابناء شعبي كعراقي اولا وكمثقف ثانيا احاول في هذا المقال ان اعكس ما ينتاب بعض العراقيين من تساؤلات وجدت لها اجابات غير مقنعة واخرى راحت تخوض في جوانب لا تعقل.
في فيديو نشر بصفحات التواصل الاجتماعي يلتقي فيه عراقي بأحد عرابي قانون رفحاء والمسؤول المباشر عن تشريعه وهو فيديو بيّن مدى ضيق فكر المسؤول العراقي ونظرته المحدودة ومحاولته تقريب بعض العراقيين لغاية في نفس يعقوب. في هذا الفيديو سأل المواطن العراقي ضيفه: هل يتقاضى رضيع رفحاء راتبا تقاعديا؟ وكانت الاجابة صادمة فهذا المسؤول لا يرى اي فرق بين رضيع رفحاء ورضيع كربلاء ويقصد الشهيد عبد الله بن الحسين (ع) الذي استشهد في واقعة كربلاء المعروفة في العاشر من شهر محرم سنة 61 للهجرة والذي يوافق الثاني عشر من شهرأكتوبر عام 680 للميلاد. وهنا لا بد ان نتساءل: هل هناك وجه تشابه بين الاثنين؟
أرى ان العزف على وتر حساس كهذا يراد به اسكات من رفض هذا القانون الذي يبدد ثروات العراق دون وجه حق بتخريجات طائفية. نحن لا نعترض على ان يحصل العراقي على ما يستحقه من حقوق بعد ان عانى ما عاناه. فالاطفال الذين ماتوا جراء نقص الغذاء والدواء خلال سنوات الحصار في تسعينيات القرن الماضي والعائلات التي عانت الامرين في تلك الحقبة الزمنية الصعبة الا يستحقون عطف حكومتنا المبجلة؟
وللتاريخ نقول ان مخيم رفحاء كان مخيما تم انشاؤه للاجئين العراقيين الذي هربوا بعد حرب الخليج والانتفاضة الشعبانية الى المملكة العربية السعودية وهو يبعد عن محافظة رفحاء السعودية بمسافة تقدر بعشرين كيلو متر حيث ضم المخيم الذي تم انشاؤه اكثر من 40 الف محتجز خلال المدة 1991 – 2003 وقد اغلق المخيم بعد حصول اللاجئين على حق اللجوء في دول العالم مثل امريكا وأستراليا وكندا والدنمارك وفنلندا وبريطانيا وإيران وهولندا والنرويج والسويد وسويسرا وغيرها.
اكثر من 40 ألف عراقي لجأوا الى تلك البلدان في وقت يعاني العراقيون تبعات بقائهم في بلدهم وتجرعوا شتى انواع العذاب والقهر وصبروا وصابروا بروح عراقية خالصة وتمسكوا بهويتهم العراقية فيما عاش اللاجئون حياة هي افضل بالتأكيد من عراقيي الداخل.
لهذا فأن شمول الاطفال الرضّع والذين لم يعيشوا سنوات القهر برواتب تقاعدية خيالية لا يمكن ان يقبله عقل ووصفهم بأنهم لا يختلفون عن عبد الله رضيع كربلاء امر مرفوض تماما فعبد الله الشهيد رضيع كربلاء لم يتقاضى راتبا تقاعديا خياليا، واصحاب الامام الحسين عليهم جميعا السلام لم ينتظروا ان تسجّل اسماءهم في قوائم الجهاد. هم ضحّوا بأرواحهم من اجل قضية كبرى، هي قضية الانسان، ورفض الظلم، والدفاع عن ابن بنت رسول الله (ص) وأنا بهذا الرأي لا اريد ان اتفلسف انما اردت فقط ان اضع النقاط على الحروف كما يقال واتحدث بلسان عامة الناس.
لا تجعلوا من الامام الشهيد الحسين بن علي (ع) وسيلة للوصول الى ما ترغبون فيه فالحسين اكبر من كل شيء. الحسين مدرسة لا تنحصر بطائفة معينة فهو للجميع. الحسين للانسان عربيا كان او اعجميا.
أرى ان القانون الذي اقره البرلمان العراقي في الثامن من كانون الثاني عام 2006 وتم تعديله بضغوط معروفة للجميع عام 2013 ليشمل محتجزي رفحاء قد صنّف العراقيين وفرّق بينهم. ولا اعرف كيف يسميهم القانون بالمحتجزين وهم لاجئون. وكيف يمنح اللاجئ راتبا تقاعديا بارقام لم يتقاضاها المتقاعد الذي افنى عمره في الوظيفة. وما يثير العراقيين ان بعض من شملهم القانون وعائلاتهم هم يعيشون اليوم خارج العراق ولا دور لهم في العراق الجديد وبعض ابنائهم لا يتكلمون اللغة العربية اصلا.
ألا يحق لنا نحن الذين تمسكنا بعراقيتنا ان نتساءل؟
اعتقد ان على الشرفاء في البرلمان العراقي ان يراجعوا انفسهم مرة اخرى ويقرأوا القانون جيدا ان فاتهم شيء منه فليس من الانصاف ان نفرّق بين عراقي وآخر.
اذا كنتم تحبّون الحسين وتتمسكون بأبيه وجده عليكم ان تعطوا لكل ذي حق حقه. فرفقا برضيع كربلاء، ورفقا بالشهادة التي نحيي ذكراها كل عام وصارت مدرسة للأمم جميعا.
يا سادتي كربلاء ليست وسيلة. ولن تكون كذلك. كربلاء آية لكل عاقل وهي فرصة لتطهير الذات وغدا ستقفون بين يدي الله تعالى وسيسألكم رضيع كربلاء أين أنتم مني ومن أبي وجدي؟.
اترك تعليقا