في الدائرة..لون وطعم ورائحة
في المدرسة كنا قد تعلمنا في درس العلوم أن لا لون ولا طعم ولا رائحة للماء، وهو ما يعرف بالماء النقي، هذا ما درسناه لكننا في الحياة لم نجد هذا الماء الذي لا لون له ولا طعم ولا رائحة.. فالماء الذي نسهر الليالي من اجل ان نملأ خزاناً صغيراً يحتوي على كثير من الموجودات الصغيرة والتي لا ترى بالعين المجردة.. فضلاً عن اللون الذي يضفي جواً (رومانسياً) لولا الرائحة التي في بعض الأحيان لا تطاق!
الماء النقي حلم العراقيين، وكنا حينما ننزل الى بغداد نستمتع اولاً بمائها، ومرة قال لي صديق بعد ان نزلنا في فندق درجة (ماكو) –كما يحلو له ان يسميه- قال لي: أيعقل ان اسبح بماء آر-أو؟! وماء (الآر-أو) يعرفه البصريون بعد ان استلب (خرجية) البيت، وصارت أم العيال تحسب له ألف حساب وقيّدته ضمن لائحة مصروفات العائلة لا بل وضعته في الدرجة الأولى من تلك القائمة..
الماء حلمنا جميعاً، نحن الذين تحاصرنا المياه من كل اتجاه.. وحبانا الله بنهرين عظيمين وشط كان في يوم ما كريماً، وانهار تجري من تحتنا وفوقنا لكننا نحلم بالماء.. مفارقة… أليس كذلك؟ نعم، هي كذلك مثل حياتنا المليئة بالمفارقات والصدمات..
في الشتاء يقل قليلاً الطلب على الماء، ماء الشرب، الماء النقي.. اما في الصيف فالكارثة تكبر، وها نحن ندخل هذا الفصل الحار وكلنا أمل ان تقوم هيئة الإعمار في العراق بإعمار شبكة الماء او تأهيلها أو بناء شبكات جديدة خاصة وان هناك شبكتين في البصرة واحدة شيدت في الثلاثينيات من القرن الماضي والأخرى في عام 1958.. هذا الأمر الملح نضعه أمام أنظار السادة المسؤولين في الدولة العراقية، دولة الأنهار والشطوط التي يعاني اهلوها من العطش.. نضع الموضوع أمامها ربما تضعه هي امام عينيها وتبدأ بحملة اعمار كبرى خاصة وأنه لا يمكن العيش بلا ماء بعد ان ارتضينا ان نعيش بلا كهرباء وبلا خدمات أخرى.. ونقترح على الحكومة ان توقف -ولو لفترة سنة واحدة على الأقل- تلك الإيفادات التي لا مبرر لها الى خارج العراق.. (ايفادات السادة الكبار وليس الكادر الوسط من موظفي الدولة والذين هم بأمس الحاجة الى فترة نقاهة!!) وتستفيد من المبالغ الطائلة التي تصرف على تلك السفرات لتاهيل منظومة الماء في مدن العراق الظمآى.. مقترح وحسب ان عملتم به فذاك خير وان لم تعملوا فجزاكم الله خير جزاء.
2004
اترك تعليقا