خاتم
الشخوص:
الرجل
المرأة
صالة شبه معتمة، المرأة تجلس خائفة، وفي الطرف الآخر الرجل يقف أمام الجدار وهو ينظر الى بعض الرسومات المعلقة.
المرأة: (تجهش بالبكاء خائفة)
الرجل: (دون أن ينظر لها) قلت لك لا أريد أن اسمع همسة منك. توقفي عن البكاء فالبكاء لن ينفعك.
المرأة: خذ كل شيء واتركني.. لديّ بعض المال خذه ودعني أعيش بسلام.
الرجل: (يلتفت نحوها) لست بحاجة الى مال.
المرأة: حسناً، خذ هذا العقد (تحاول انتزاعه من رقبتها مرتجفة) ذهب عيار 24 هو من أمي لا أملك غيره أهدتني ايّاه قبل وفاتها بعامين.
الرجل: (بعصبية) متى تفهمين أني لست لصّاً..
المرأة: لكنك اقتحمت منزلي.
الرجل: طرقت الباب ففتحتيه بإرادتك ومن ثم دخلت.
المرأة: (بصوت عال) دخلته دون ارادتي. اسقطتني على الأرض ودخلت.
الرجل: لم اقصد اسقاطك على الأرض، اصطدمت بك فسقطتِ.. كنت مضطراً للدخول.
المرأة: (تنهض من مكانها وتقتري منه) لماذا اخترت منزلي دون كل المنازل.
الرجل: (بهدوء) هل تؤمنين بالقدر؟
المرأة: ومن لا يؤمن به.
الرجل: قدري، أو قدرك دفعني الى هذا المكان.
المرأة: هل تعرفني؟
الرجل: هل تعرفينني أنت؟
المرأة: لم ارك ابداً..
الرجل: الآن رأيتينني..
المرأة: سألتك، هل تعرفني انت؟
الرجل: قبل اليوم لا..
المرأة: وما الذي تريده مني؟
الرجل: لا شيء..
المرأة: اذن اخرج من منزلي.
الرجل: (يذهب نحو النافذة وينظر الى الخارج بحذر) لا أستطيع.
المرأة: ما الذي يمنعك؟
الرجل: (يشير الى النافذة) الرجال الذين في الخارج.
المرأة: (تركض نحو النافذة وتنظر)
الرجل: (يبعدها عن النافذة) ابتعدي عن النافذة. سيروننا.
المرأة: من هم؟
الرجل: ليس من شأنك أن تعرفي.
المرأة: أنت هارب منهم.. صح؟
الرجل: تقريباً!
المرأة: ان لم تكن لصّاً، ما الذي يريدونه منك؟
الرجل: قلت لك، ليس من شأنك..
المرأة: الآن وبعد ان دخلت منزلي صار هذا من شأني.
الرجل: ما الذي تريدين أن تعرفينه؟
المرأة: ما الذي فعلته كي يطاردك أولئك الرجال.
الرجل: وما الذي يهمك في هذا؟
المرأة: (مستهزئة) اعتبره فضول!
الرجل: فضولك هذا ليس من صالحك.
المرأة: لو كنت تريد مصلحتي لما ورّطتني معك.
الرجل: أنت تورّطين نفسك بأسئلتك.
المرأة: من أنت بحق الجحيم؟
الرجل: واحد من الناس.. (يبتسم) ألا أبدو لك كذلك؟
المرأة: الناس لا يقتحمون المنازل.
الرجل: وأنا لم أقتحم منزلك.
المرأة: لم يكن دخولك برضاي.
الرجل: كنت مضطرا للدخول.. قلت لك هذا.
المرأة: (بغضب) حتى وان كنت مضطراً فهذا لا يعطيك الحق في أن تدخل منزلي وانا كما ترى وحدي. ما الذي سيقوله الناس عني؟
الرجل: (مبتسما) اطمئني لم يرني أحد.
المرأة: حتى لو لم يرك أحد من الجيران، دخولك منزلي فعل شائن.
الرجل: أنت تعطين الموضوع أكبر من حجمه.
المرأة: لا أعرف كيف تفكّر أنت. (بصوت غاضب) عليك بالمغادرة الآن قبل….
الرجل: (مقاطعا) قبل أن يأتي زوجك…؟ ها.. أعرف أنك قلقة من هذا.
المرأة: (تتلعثم بالكلام) زو.. زوجي؟
الرجل: (مكملا) اطمئني.. سأقول له أنا عامل الكهرباء (يضحك)
المرأة: (تبتعد عنه) أنت مجنون حقّاً!
الرجل: (يتبع خطواتها) على الأقل أضع عذرا مقبولا لوجودي معك. هيا أخبريني، متى سيأتي؟
المرأة: (بذهول) تقصد من؟
الرجل: زوجك.. هل نسيتيه.. زوجك متى سيأتي؟
المرأة: ها قلت زوجي.. نعم، زوجي.. سيأتي بعد ساعة أو ساعتين.
الرجل: وقبل انتهاء الساعة ربما سيرحل أولئك الرجل وسأغادر حالاً..
المرأة: (تهز رأسها موافقة)
الرجل: (ينظر الى الرسومات المعلقة على الجدار) هل هو رسّام…؟
المرأة: (بدهشة) هو… من تقصد؟
الرجل: (بابتسامة) زوجك.. هل هذه الرسوم له؟
المرأة: زوجي…؟ لا.. هذه رسوماتي.
الرجل: أنت رسامة؟
المرأة: أشغل نفسي بالرسم. لست فنانة محترفة.
الرجل: هذه اللوحات تقول إنك فنانة محترفة.
المرأة: أنا أهوى الرسم. وهذه هوايتي.
الرجل: جميع الألوان التي تستخدمينها هي ألوان حارة. لم أجد لونا باردا فيها.
المرأة: أحب اللون الأحمر وتدرجاته.
الرجل: (بصوت منخفض) الثورة والتمرد..
المرأة: (باسمة) صديقاتي يضحكن على كل ما ارسمه لأنهن يعتبرن ما ارسمه مجرد شخابيط!
الرجل: (يضحك) شخابيط هذه فن..
المرأة: (تضحك)
الرجل: (يقترب من النافذة وينظر)
المرأة: هل ما زالوا هنا؟
الرجل: بقي واحد منهم.
المرأة: سيذهب حتما. لا يمكن أن يبقى حتى انتهاء النهار.
الرجل: أنا جائع.
المرأة: (باستغراب) حسنا.. لديّ شطيرة سأجلبها لك.
الرجل: وأنت…؟ ألست جائعة؟
المرأة: ليس موعد طعامي عادة ما اتناوله متأخرة.
الرجل: (مبتسماً) تحافظين على رشاقتك وجمالك.
المرأة: (ترمقه بابتسامة ثم تذهب)
الرجل: (ينظر الى الرسومات ومن ثم ينظر من خلال النافذة)
المرأة: (تدخل وبيدها كيس بداخله الشطيرة تقدمه للرجل) ربما تعجبك.
الرجل: (وهو يأخذ الشطيرة منها) المعدة الجائعة يعجبها كل شيء.
المرأة: (تضحك)
الرجل: (يأكل منها شيئاً ويهزّ رأسه) طيبة.. مذاقها طيّب.
المرأة: صحة وعافية.
الرجل: (يجلس على كرسي قريب وهو يأكل)
المرأة: احكِ لي.
الرجل: (وهو يأكل) ما الذي تريدينني أن أحكيه لك؟
المرأة: ما هو عملك؟
الرجل: محاسب!
المرأة: يعني موظف..
الرجل: حكومي.
المرأة: لماذا يطاردونك.. هل سرقت دائرتك؟
الرجل: قلت لك لست سارقاً.. لو كنت قد سرقت دائرتي لما طاردني أحد.
المرأة: لم أفهم.
الرجل: سيأتي الوقت الذي تعرفين فيه كل شيء.
المرأة: لا أعتقد أني سأراك ثانية.
الرجل: (ضاحكا) الا إذا طاردوني مرة أخرى.
المرأة: (تضحك) بلا مزاح.. لماذا يطاردونك ما دمت موظفا محترما..
الرجل: لأني نزيه!
المرأة: أيّ نزيه يُطارد؟
الرجل: أنا، وربما هناك آخرون مثلي مبتلون مثلما ابتليت به أنا.
المرأة: هذا يعني أن أولئك الرجل الذين يطاردونك هم فاسدون.
الرجل: (وهو ينهي الشطيرة) ليس هم.. أولئك الرجل مجرد أدوات لتنفيذ ما يؤتمرون به.. هناك من هم أكبر منهم.
المرأة: ألا تخاف على عائلتك؟
الرجل: لا أحد لي كي أخاف عليه.
المرأة: يا أخي زوجتك وأولادك.
الرجل: هل قلت لك أن لي زوجة وأولاد؟
المرأة: لا.. لم تخبرني. لكن ليس من المعقول أن رجلا بعمرك ليس لديه زوجة وأولاد.
الرجل: الا أنا.. (يضحك) الزواج مسؤولية وأكيد أنت تعرفين تلك المسؤولية لكونك متزوجة..
المرأة: (تتلعثم بالكلام) أنا.. نعم، نعم.. أعرفها..
الرجل: (يلتفت يمينا وشمالا) لم أر طفلا في المنزل. يبدو أنك تزوجت حديثاً..
المرأة: (بقلق) مثلما قلت..
الرجل: وزوجك.. ما هو عمله؟
المرأة: زوجي.. نعم.. زوجي موظف أيضاً..
الرجل: اعذريني لهذا السؤال، هل انتما متوافقان؟
المرأة: لم أفهم.
الرجل: أقصد هل علاقتكما على ما يرام.
المرأة: على المرأة أن لا تتحدث بخصوصياتها.
الرجل: اعتذر منك.
المرأة: (قلقة وتحاول ان تفلت من الحديث) هل أجلب لك ماء.
الرجل: ضايقتك بأسئلتي السخيفة.
المرأة: لا.. لم تضايقني، لكني لم أتحدث مع رجل غريب من قبل عن خصوصياتي.
الرجل: (ينهض من مكانه باتجاه الباب)
المرأة: هل ستذهب؟
الرجل: لا أريد أن أكون متطفلا أكثر من اللزوم معك.
المرأة: (تذهب الى النافذة وتنظر)
الرجل: هل ذهب الرجل؟
المرأة: لم أر أحدا في الخارج.
الرجل: حسنا.. (يهم بالخروج)
المرأة: (تتبعه) لحظة..
الرجل: (يتوقف)
المرأة: هل سأراك ثانية؟
الرجل: (مبتسما) ان كنت ترغبين برؤيتي..
المرأة: خذ تلك اللوحة معك (تشير الى احدى اللوحات على الحائط)
الرجل: ليس الآن، تلك اللوحة ستكون مبررا لعودتي وسأشتريها منك.
المرأة: هي لك بلا مقابل. اعتبرها تعويضا عن فضاضتي معك.
الرجل: أقدّر وضعك.. لقد كنت طيبة معي.. وتعجبني شجاعتك.. لكن..
المرأة: (بدهشة) لكن… ماذا؟
الرجل: لكي تكوني أكثر اقناعا عليك بوضع خاتم زواج بأصبعك.
المرأة: (تنظر الى اصابعها ثم تخفيها)
الرجل: (يبتسم)
المرأة: أنا….
الرجل: أعرف. لا حاجة للتبرير.
المرأة: (تبتسم بخجل) ستعود.. ها.. ستعود.
الرجل: حتماً سأعود، وسأكون مضطرا للعودة أيضاً..
المرأة: (مبتسمة) من أجل اللوحة..
الرجل: بل من أجلك أنت…
اظلام
ابتدأت في الثلاثاء 26 تموز 2022
انتهت في الخميس 28 تموز 2022
اترك تعليقا