حارسة الكتاب

مسرحية حارسة الكتاب

الشخوص

  1. الشاب
  2. الفتاة
  3. العجوز
  4. الظل
  5. الجد

مشهد استهلالي

في الماضي

غرفة مظلمة مكتظة بأجهزة زجاجية ملتوية، قوارير تحتوي على سوائل متوهجة، ورفوف من الكتب القديمة. ضوء القمر يتسلل من نافذة علوية، الجد يقف أمام منضدة مغطاة بمخطوطات، بينما تفتح العجوز الباب ببطء.

العجوز: (بصوت هامس) أتعرف ما يحوي هذا الكتاب، أيها العابث بالنار؟ (ترفع الغلاف الثقيل بكلتا يديها، تُسمع همهمة غريبة من بين الصفحات)

الجد: (يلتفت ببطء، عيناه تضيئان بفضول علمي) كتب السحر الأسود… أوراق ميتة تحاول تقليد الحياة. (يضغط على قارورة خضراء) أتظنين أن حروفاً متعفنة ترهب من فهم لغة النجوم؟

العجوز: (تقهقه بينما يتحرك الظل حولها كحيوان متوحش) النجوم؟ النجوم مجرد شموع في قبر الكون، أما هذا… (تضرب صفحة بيدها الجافة، يظهر صوت صراخ بعيد) سجلات الأرواح التي التهمها الزمان

الجد:(يتقدم خطوة) كل تجاربي كانت لشفاء البشر، لا لسرقة الأرواح. (يشير إلى الكتاب) وهذا الكتاب… مجرد مرآة تعكس رعب من يخشاه.

العجوز: (تزمجر كالذئب الجائع) فلترَ روحك في المرآة إذن! (تهمس بتعويذة سريعة، الظل يتحرك نحو الجد ويمسكه من رقبته)

الجد: (يصرخ ممسكاً بقلادة فضية على صدره) الملح والكبريت، النار والماء! (يلقي مسحوقاً أبيض من جيبه في وجه الظل) الخيمياء ليست سحراً، إنها قانون الكون… وأنتِ خرقتيه! (يركض نحو رف الكتب، يلتقط أسطوانة نحاسية)

العجوز: (تتأوه كأنها مجروحة، الكتاب يهتز بعنف بين يديها) القانون؟ القانون لمن يمتلك القوة! (تفتح صفحة جديدة، ستارة النافذة تبدأ بالارتعاش) سنرى من يملكها عندما تبتلعك الجدران!

الجد: (يدير الأسطوانة بسرعة، تصدر نغمة حادة توقف حركة الستارة فجأة) القوة لمن يفك شفراتها. هذا الكتاب… كان ينبغي أن يبقى مدفوناً!

العجوز: (تصرخ) لا! هذا مستحيل… (تتلوى كما لو أن النار تأكلها من الداخل) كيف…؟

الجد: (يتنفس بصعوبة، يسقط على الأرض) لأن كل سحرك مبني على الخوف… (يمسك الكتاب ويضعه على صدره) أما الخيمياء، فتبني على الحقيقة. حتى الرماد يحمل بذور حياة جديدة.

(الستارة تسقط من مكانها وتتمزق، ينبعث الدخان في المكان وسط الظلام).

اظلام

في الوقت الحالي:

غرفة قديمة شبه مظلمة يبدو أنها أغلقت منذ زمن بعيد، بنت العناكب على بعض الأثاث بيوتها، خيوط متدلية من السقف، الشباك الوحيد مليء بالأتربة وخيوط العناكب، ثمة باب حديدي واحد في الجانب الأيمن منها..

يُفتح الباب بهدوء ويُسمع صريره، اضاءة من الخارج عبارة عن خيط ضوء لمصباح يدوي، يمدّ الشاب رأسه مستطلعاً المكان..

الشاب: لا أحد هنا، هل أنتِ مصرّة على الدخول..

الفتاة: (من الخارج) بدأنا ولن نرجع..

الشاب: ما الذي سنجده هنا في هذه الغرفة المهجورة..

الفتاة: لندخل ونرى.

الشاب: هل أنت متأكدة أننا دخلنا المكان الصحيح..

الفتاة: هو ذات المكان الذي عشت فيه بضع سنين، وقضى جدّي آخر أيامه فيه..

الشاب: (يدخل بخطوات بطيئة فيما تتبعه الفتاة، يُغلق الباب خلفهما بقوة، يلتفت الشاب نحو الباب فزعاً، تحاول الفتاة أن تهدأه)

الفتاة: لا تخف، صوت الباب هذا..

الشاب: (يتقدم ببطء وهو يمسك المصباح بيد مرتجفة، تصطدم قدمه بعلبة فارغة وتصدر صوتاً عالياً، يفزع من جديد)

الفتاة: (تحذره) انتبه لخطواتك..

الشاب: المكان مظلم، والرائحة نتنة!

الفتاة: وما الذي تتوقع أن تكون رائحة غرفة مهجورة كهذه؟

(في الجدار يظهر الظل ثم يختفي)

الشاب: هل رأيتِ ما رأيت؟

الفتاة: لم أرَ شيئاً..

الشاب: (يشير الى الجدار) كان هناك شيء ما..

الفتاة: لا أحد هنا، ألم ترَ…؟

(الظل يدور حولهما، ينتاب الشاب الخوف)

الشاب: يااه، لا أحتمل ما أرى.. لنخرج!

الفتاة: لا شيء يدعو للخوف، هذا المكان أعرفه، عشت فيه سنيني الأولى قبل وفاة جدي ومن ثم هجرناه.. أشعر أن حياتي عادت برؤيتي للمكان، في كل ركن هنا لي فيه حكاية..

الشاب: (بخوف) وما شأني أنا بحكاياتك..

(في زاوية الغرفة تظهر عجوز وهي تمسك عصا غليظة، بشعر منسدل)

العجوز: الحكايات لن تنتهي، نحملها معنا أينما ذهبنا..

الشاب: (بفزع يوجه الضوء نحو العجوز، يبتعد خلف الفتاة) ألم تخبريني ألا أحد هنا..

الفتاة: وهل هناك أحد غيرنا…؟

الشاب: (يشير الى العجوز) ألم تريها؟

العجوز: اطمأن، أنت فقط من يراني! لن يراني الا من تملّك الخوف قلبه!

الشاب: (باستغراب مصحوب بالخوف) كيف؟

الفتاة: (مستغربة) كيف ماذا؟

الشاب: كيف لم تريها..

الفتاة: دع عنك الخوف ولنبدأ بالبحث..

(الظل يتحرك بينهما، والشاب يركض مفزوعاً)

الشاب: (الى الظل محذّراً) ايّاك أن تقترب مني.. اذهب بعيداً..

الفتاة: ما الذي يجعلك تهذي هكذا.. علينا أن نبحث عن الكتاب..

الشاب: (ما زال خائفاً) أنتِ لم ترِ شيئاً أليس كذلك؟ ها.. لم ترِ تلك العجوز ولا ذاك الظل الذي يتابعني..

الفتاة: (بثقة) من الطبيعي أن يحدث لك هذا لأنك لم تأنس المكان، هل سبق وان اصبت باضطراب الوهم أو الفصام؟ 

الشاب: تظنينني مجنوناً.. أنا أراهما.. أنهما معنا..

العجوز: (تضحك بهستيريا)

الشاب: ‘ن لم تريهما، ألا تسمعي ضحكها؟

الفتاة: (تضحك) ضحك من؟

الشاب: (يشير الى العجوز) العجوز تلك، أنها تضحك كأنها تستهزأ بي!

العجوز: قلت لك لن يراني أحد غيرك..

الشاب: لماذا أنا؟

الفتاة: أنا لا أفهمك، هذيانك هذا سيحرمنا من الحصول على الكتاب..

العجوز: هل تعرف ما هو الكتاب؟

الشاب: كتاب جدّها المرحوم، جئنا الى هنا للبحث عنه..

الفتاة: (بذهول) مع من تتحدّث؟

العجوز: (ضاحكة) يتحدث معي!

الشاب: (يشير الى العجوز) هي من جاوبتك، تقول يتحدث معي..

الفتاة: مذ دخلنا وأنت مشوش الذهن.. كثرما حذّرتك من قراءة قصص الخيال وهذه نتائجها، ان ترى ما لم يره الآخرون!

العجوز: (ما زالت تضحك)

الشاب: (بحدة) أرجوك، هذا ليس وقت الهزل.. أنا جاد فيما أراه، (بسخرية)عليك بفحص بصرك عند طبيب، يبدو أنك تعانين من العشى الليلي..

العجوز: (ناصحة) أنت تهدر وقتك، هي لن تصدّقك، وهي صادقة فيما تقول، حبيبتك لن ترني!

الشاب: (منتفضاً) ليست حبيبتي، نحن زميلان فقط!

الفتاة: (باستغراب) حبيبتك مَنْ؟

الشاب: لا عليك، أنا أحدّثها هي، وليست أنتِ..

الفتاة: يا رب هذا الشاب سيصيبني بالجنون..

الظل: (يتحرك بينهما مقترباً من الشاب الذي يخر فزعاً، بينما الفتاة تمسكه قبل أن يقع)

الفتاة: ما الذي يجري لك؟

الشاب: (يلتفت يميناً وشمالاً) أكاد أن أختنق من هذه الرائحة النتنة، هيا لنخرج.

الفتاة: (مستغربة) نخرج؟! بعد كل هذا الجهد تريدني أن أخرج؟ بالكاد أقنعتك أن ترافقني الى جولة البحث عن كتاب جدي، وتريد أن نخرج دون أن نجده..

الشاب: (بحذر وخوف وهو يلتفت يميناً وشمالاً) ألم تقل لك أمك ما فحوى كتاب جدك..

العجوز: (بحدة) هو كتاب الحياة، سطر فيه الجد كل حياته وأخفاه بعيداً عن أعين الناس..

الشاب: كتاب الحياة؟

الفتاة: عجيب! أنت تسأل وتجيب.. نعم، قالت أمي أن أباها كان عارفاً ويطلق عليه الناس الخيميائي!

الشاب: خيميائي؟

الفتاة: كان يبحث طيلة حياته عن حجر الفلاسفة والذي يفترض أن يحوّل المعادن الى ذهب!

الشاب: أمن أجل كتاب مشعوذٍ نقضي نهارنا في هذه الغرفة النتنة..

العجوز: (صارخة به) النتن هو أنت!

الشاب: وصارت تصرخ بي..

الفتاة: لم أصرخ أبداً أنما أحاول أن أشرح لك ما يعنيه كتاب جدي.

العجوز: (بحدة وثقة) لا يمكنك أن تصل الى الكتاب حتى لو بحثت عنه العمر كله! (محذرة) أنصحك أن تترك هذا الأمر وتمضي حيثما أتيت.

الشاب: (يؤشر الى الفتاة) انصحي هذه..

الفتاة: ما الذي تنصحني به؟

الشاب: لست أنا.. تلك (يشير الى العجوز) تلك التي لم تريها..

الفتاة: (بابتسامة ساخرة) كيف أرى ما لم أرَ؟

الشاب: أشعر أن لعنة ما تصيبنا.. لا بل تصيبني أنا وحدي..

الفتاة: ما دمت خائفاً توهمك نفسك بأشياء غريبة.

الشاب: لست واهماً..

الظل: (يدور حوله والشاب يدور مع نفسه)

العجوز: (تضحك بهستيريا)

الفتاة: ما الذي يحدث بالضبط (تمسك به وتمنعه من الدوران حول نفسه)

الشاب: هو يدور حولي…!

الفتاة: لا أحد يدور حولك، أنت من تدور..

العجوز: (تنهض من مكانها وتقترب من الشاب وتهمس في أذنه) ألم أقل لك أن لا أحد يرانا إلا أنت.

الشاب: (ينظر لها خائفاً)

الفتاة: (تهزّه بقوة، والشاب يلتفت نحوها) لا تكن ضعيفاً.. (بصوت عالٍ) ما الذي يجري لك، لماذا أنت خائف؟ لا أجد شيئاً يشعرك بالخوف..

العجوز: (تمسك أذن الشاب وهو يلتفت نحوها) الوقت يمر، عد من حيث أتيت قبلما تُسجن في هذا المكان ولم تتمكّن من الفرار..

الفتاة: (تصرخ بالشاب وهو يلتفت نحوها) لِمَ هذا الصمت، قل لي، ما الذي تشعر به؟

العجوز: (تحذر الشاب وهو يلتفت نحوها) دعك منها، اخرج من هذه الغرفة..

الفتاة: (بقلق) لم أكن أصدّق أنك خوّاف لهذه الدرجة..

الشاب: (يتخلّص من الاثنين) قلبي سيتوقف، أكاد أن أختنق، لو كنت أعلم بما في هذه الغرفة لما طاوعتك وأتيت..

الفتاة: هل أنت نادم؟

العجوز: (تقترب منه وتحرّضه) قل لها أنا نادم..

الشاب: (ينظر الى العجوز ومن ثم الى الفتاة متردداً) أنا.. أنا.. (بسرعة) أنا نادم..

الفتاة: (بيأس) العتب عليَّ أنا إذ وثقت بك وبقدرتك على مساعدتي في إيجاد كتاب جدّي، لكنك خذلتني..

العجوز: (تهمس في أذن الشاب) اضربها!

الشاب: (فزعاً)

العجوز: لا تتردد.. اضربها وانجُ بنفسك..

الفتاة: (بألم) كان عليك أن تفصح بذلك قبلما نأتي الى هنا..

العجوز: (بكلام غير مفهوم في اذن الشاب، ثم تدفعه نحو الفتاة)

الشاب: (قرب الفتاة يرفع يده عالياً)

الظل: (يقترب من الشاب وبحركات بهلوانية)

الشاب: (يتراجع ويركض الى الزاوية)

الفتاة: (غير مقتنعة) أنت تتصرف بشكل غريب على غير عادتك.. ان رغبت في الانصراف فانصرف! كنت على خطأ اذ اشركتك معي، فالقضية هي قضيتي، وجدّي لا يمت لك بصلة لهذا فأمره لا يخصّك..

الشاب: (وكأنه فاق من غفوة) ماذا تقولين؟ كيف أتركك لوحدك في هذا المكان المنعزل..

العجوز: (تقترب منه وتركله)

الشاب: (يسقط على الأرض أثر الركلة)

الظل: (يتمدد فوق الشاب ويمنعه من الحركة)

الفتاة: (تنظر الى الشاب مستغربة، تركض نحوه وتحاول أن ترفعه عن الأرض لكن الظل مازال ممسكاً به) انهض، هيا.. بإمكانك الوقوف على قدميك.. (تحاول سحبه بصعوبة) كأنك التصقت بالأرض.. ساعدني على وقوفك..

الشاب: (يحاول الوقوف لكنه لا يستطيع) لم أستطع.. أنه يكتم أنفاسي..

الفتاة: (تنظر هنا وهناك)

العجوز: (تقترب من الشاب وتطرد الظل عنه)

الشاب: (يتحرر من الظل ويحاول الوقوف بمساعدة الفتاة)

العجوز: (تهمس في أذنه) لأنك لم تطعني، فسأحوّل حياتك الى جحيم، مثلما فعلت بالضبط مع جد صاحبتك هذه!

الشاب: (الى العجوز) ما الذي فعلتيه للجد..

العجوز: (ضاحكة بقوة وتستمر بالضحك)

الفتاة: مع مَنْ تتحدّث؟

الشاب: قلت لك، هناك من هو موجود معنا في هذه الغرفة ولا أعرف لماذا لم تصدقيني..

العجوز: (من بعيد تصرخ به) ستندم إن لم تطعني!

الشاب: (الى العجوز) أنت تطلبين مني ما لم أستطع تنفيذه..

الفتاة: (تمسك بزمامه صارخة) ما الذي طلبوه منك..

الظل: (يدور حول الشاب ويسحبه الى الجهة البعيدة)

الفتاة: (تقف مستغربة وهي تحدّق في يديها بعدما فلت الشاب منها)

الشاب: (صارخاً) لم نأتِ لنؤذي أحداً..

العجوز: (بصوت أجش) أنا حارسة الكتاب بكل ما فيه، إياكما أن تأخذاه..

الفتاة: (تستسلم للشاب مقتربة منه) مع من تتحدّث؟

الشاب: مع حارسة الكتاب، كما تقول، هي جالسة أمامي، هناك..

الفتاة: قل لها، نريد الكتاب! وسنمضي..

العجوز: (تتقدم مسرعة مقتربة من الشاب غاضبة) لن تأخذا الكتاب، ولن تريانه أبداً..

الشاب: ما الذي يحتويه الكتاب لتقاتلي دونه..

الفتاة: أنا…؟

الشاب: لا أنا أكلّم حارسة الكتاب.

العجوز: ستطاردك اللعنة أينما ذهبت.. حرصنا على أن نبقي ما تركه الجد بعيداً عن الأعين، لا لشيء الا لأنه سر وجودنا.. اذهبا بعيداً فالنار تقترب منكما.

الفتاة: ما الذي تقوله لك؟

الشاب: (متردداً) لن يرضيها وجودنا.

الفتاة: هذا بيتنا!

العجوز: كان بيتهم..

الشاب: تقول، كان بيتكم.

الظل: (يتحرك ما بين الشاب والفتاة بحركات بهلوانية غريبة، فيما الشاب ينظر له أينما اتجه)

الفتاة: (بإصرار) لن أخرج من الغرفة الا والكتاب بيدي..

العجوز: (تضحك بصوتٍ عالٍ) يبدو أنها واثقة من نفسها.. لكنها ستندم بعد حين. هل تعرف أيها الشاب أن كتاب الخيميائي أهم عندي من طلتكما المزعجة، هل تدري أن هذه الغرفة لم يدخلها أحد بعدما لفظ آخر أنفاسه منذ أكثر من عشرين عام..

الفتاة: (تبحث في أنقاض الغرفة) هيا لنبدأ البحث عن كتاب جدّي الوقت يداهمنا..

الشاب: (يتبعها، لكن الظل يوقفه)

الفتاة: (تلتفت نحوه) ما الذي أوقفك؟ هيا، ابحث هناك..

الشاب: (يحاول أن يتخلص منه) لا أستطيع، أنه يقيّدني!

العجوز: (تصرخ بالظل) ابتعد عنه أيها الظل..

الظل: (يدور حوله ويذهب بحركاته البهلوانية مالئاً المكان ولن يتوقف عن الحركة)

الشاب: (بعدما يتخلص منه يتبع الفتاة) ما أهمية الكتاب لك؟

الفتاة: (وهي تبحث دون أن تنظر له) حين نجده ستعرف..

العجوز: (ضاحكة وهي تحمل الكتاب بيدها) لن تجدوه أبداً.. لن تجدوه.

الشاب: (ينظر الى العجوز ويرى الكتاب، يصرخ) أنه هناك.. الكتاب، هناك.

الفتاة: (تركض نحوه) أين، أين هو؟

العجوز: (ما زالت تضحك) لا تتعب نفسك، هي لن ترى شيئاً.. ما دام الكتاب بيد حارسته لن تتمكنوا منه (ترفع الكتاب عالياً وتذهب نحو زاوية الغرفة)

الشاب: علينا الخروج حالا من هذه الغرفة.

الفتاة: ليس قبل أن نحصل على الكتاب..

العجوز: (تضحك بصوت عالٍ) لم تتمكن من ذلك!

(كل شيء في الغرفة يتحرك والأصوات تتعالى، أصوات رعد وبرق في الخارج يظهر من خلال النافذة. الظل يتحرك بحركات بهلوانية هنا وهناك، الشاب يتحرك نحو الباب لكنه لم يستطع فتحه..)

الشاب: علينا أن نخرج.. (يركض نحو الباب لكنه لم يفتح) الباب مقفل تمامًا! لا أعتقد أننا سنتمكن من الخروج بهذه السهولة. 

الفتاة: (تفكر) ربما المفتاح في الكتاب الذي جئنا من أجله

العجوز: (تقف من ظلام الزاوية، رداءها الأسود يلامس الأرض، وعصاها تتوهج بضوء أرجواني وهي تحمل الكتاب) (بصوت هادر) جرأة حمقاء! أتظنان أنكما أول من يحاول سرقة أسرار هذا الكتاب؟! 

الشاب: (يتراجع خطوة) لم نسرق… جئنا لنأخذ كتاب جدّها، نحن فقط بحاجة إلى… 

العجوز (تقاطعه ساخرة) بحاجة إلى ماذا؟ قوة لا تستحقانها؟ (تشير بعصاها نحو الكتاب) هذه الصفحات تحرق أرواح من يلمسها! 

الشاب: (يُحاول التقدم نحو الكتاب) لن نسمح لك باحتجاز هذه المعرفة! 

العجوز: (ترفع الكتاب عالياً، فينطلق تيار هوائي عنيف يلقي الشاب أرضًا)

الفتاة: ما الذي سنفعله الآن.. قل لي، نحن محتجزان في الغرفة لكننا لا يمكن أن نخسر الكتاب..

العجوز: (ببرود) أنتما مجرد ذبابتين في شبكتي. منذ قرون وأنا أحرس هذا الكتاب من أمثالكما. 

الشاب: إذا كان خطيرًا لهذه الدرجة، لماذا لا تدمرينه؟ 

العجوز: (تتوقف للحظة، ثم تضحك) التدمير أسهل من التحكم. (تقترب منهما) لكن لا بأس… سأريك الآن لماذا يجب ألا تُفتح هذه الصفحات. (تضرب الكتاب بيدها فتنبعث في المكان أطياف شبحية تصرخ بأصوات مروعة. الغرفة ترتج، والجدران تبدو وكأنها تتحرك)

الشاب: (يصرخ بالفتاة) احترسي! 

الفتاة: ما الذي يجرى؟

العجوز: (عيناها تتوهجان) هذه هي القوة التي تريدانها؟ (تُغلق الكتاب فجأة، ويختفي كل شيء) الآن، حان وقت العقاب. 

(ترسم دائرة في الهواء بعصاها، فتنشأ قضبان سوداء من الأرض، تحيط بهما)

الفتاة: (باستغراب وذهول) ما هذا؟ من أن نزلت هذه القضبان؟  (تحاول كسر القضبان)

الشاب: (يضغط على القضبان) سنجد طريقة للهرب، يبدو أن تلك العجوز هي ساحرة! 

العجوز: (تخرج نحو الباب، تلتفت بابتسامة شريرة) حاولا. لكن تذكرا… في هذه الغرفة، الزمن نفسه سجين. 

(يغلق الباب بقوة، ويُسمع صوت قفله. الضوء يخفت تدريجيًا، بينما تبدأ القضبان السوداء في التوهج بنور كابوسي. الشاب والفتاة يتبادلان نظرة مليئة بالتحدي، لكن صوت ضحكة العجوز البعيدة يتردد في الخلفية.)

اظلام

البصرة

7 شباط 2025 الجمعة

الساعة 12:37 فجراً

Share: