كذبة نيسان ومنظومة العمل العربي

في واقعنا العربي (البائس) هناك امثولات لا يمكن تطبيقها على أي مجتمع كان، وهناك نماذج قد تصل الى درجة لا يمكن ان يضعها العقل الإنساني في مصاف ما هو إنساني.. وقد يقول قائل ان الواقع العربي يختلف (جذرياً) عن أي واقع كان سواء في شرق الكرة الأرضية او في غربها، شمالها او جنوبها، بأرضها ومحيطاتها!.. وقد يقول آخر ان العرب ومنذ ان فقدوا أراضيهم التي فتحوها في الهند والسند وبلاد فارس والأندلس راحوا يتخبطون بأحلامهم يؤلفون من اجلها القصص والحكايات والمطولات من الشعر وكرد فعل للإحباط الذي وقعوا فيه راحوا يتغنون بأمجاد لم تعد تذكر وبـ(أطلال) لم يبق منها بعدما (حوسمها) المستشرقون في القرون الماضية شيئاً!.. هذا الواقع العربي الذي تجذر فينا وصرنا لا نستطيع ان نتخلص من انتكاساته وهزائمه وانقلاباته واجتماعات القمم المتأخرة والمتقدمة والبيانات الرنانة والخطب العصماء في الديمقراطية والقومية والوحدة وضرورة طرد اليهود من أرضنا ورميهم في البحر وعاش (فلان) وعاشت (فلانة) حتى ضاع (الحابل بالنابل) ولم يعد ابناء (العروبة) يستمعون لخطابات رؤسائهم الأزليين الذين لم يفدوهم بالروح وبالدم وبالأولاد مثل السابق!.. ذاك الواقع لا يصح له الا كذبة نيسان/ابريل لكي نفهمه جيداً ونستوعبه جيداً وربما نتحمله كما يجب باخطائه ولونه الواحد.. لا ندري بالضبط من اخترع (كذبة نيسان) لكنه بالتأكيد لم يكن عربياً، ذاك لأن العربي لا يكفيه يوماً واحداً للكذب ولا شهراً او حتى سنة وهو الذي ما زال يعيش في خلية من الأكاذيب في كل مناحي حياته، الإجتماعية والسياسية والإقتصادية، يبدأ يومه بكذبة يذيعها مذيع نشرة الأخبار، ويستمر يومه بكذبة يسمعها في المقهى أو العمل أو من تصريح لمسؤول قد يكون رفيع المستوى وينهي يومه بكذبة اكبر وهو يبحلق في شاشة التلفاز ليستمع لبيان آخر قمة عربية ليفسد يومه واليوم الذي سبقه والذي يليه.. كذبة نيسان تلك قد لا تصلح لنا الا بعد ان نجرد أيامنا وسنواتنا من الكذب الرسمي، الكذب على المواطن العربي المغلوب على أمره.. بعد ان يصفو جو السياسة العربية ويصحو المواطن العربي وفي بيته خبزاً وأمناً بعيداً عن أعين المخبرين سيكون لنا يوم قد نضحك فيه ونسميه (كذبة نيسان) عند ذاك يكون للعربي يوم واحد للكذب وليس سنة كاملة! 

الحوار المتمدن-العدد: 1508 – 2006 / 4 / 2

Share: