أين عراقيتنا…؟
(الله يرحم ايام زمان) هذه الجملة دائماً نسمعها من عراقيين اكلهم الضيم، وعذبتهم الحياة التي يعيشونها اليوم، اولئك العراقيين لا ينتسبون الى حزب سياسي، ولا ينتمون الى كتلة، انهم ينتمون للعراق الذي بذلوا من اجله الارواح لكنه لم يعطف عليهم بحياة رغيدة.. و(ايام زمان) كأنها ايام المدينة الفاضلة، وبالفعل اذا ما قارنا ما بينها وبين اليوم فانها تستحق ان تكون مدينة فاضلة، يوم لم يغدر الاخ باخيه، ولم يكن هناك (علاّسة) او (صكاكة) وغيرها من تلك المفردات التي صارت جزءا من حياتنا ومن اخلاقنا ايضاً وهو ما نأسف عليه..
المشكلة اليوم تكمن في ان كثيرين فقدوا الانتماء للوطن ولم يعد يعني العراق لهم شيئاً وهم مستعدون لبيع الوطن بما ومن فيه بثمن بخس.. لا بل هناك من انحدر الى قاع الرذيلة بفعل المال الحرام..
أين عراقيتنا..؟ سؤال يؤرق من لم يمسه بعد داء الفساد.. وهو سؤال سهل جوابه وصعب في آن.. سهل لمن (غزّر) فيه خبز وماء العراق وملحه.. وصعب لمن احتمى بهذا الطرف او ذاك ونسى الفراتين وشط العرب والخبز الحار المعجون بعرق امهاتنا ودموعهن.
الفساد يملأ المؤسسات والدوائر الحكومية.. هذا السرطان راح ينخر جسد العراق الصلب ولم نجد من يعينه على تجاوز الازمة.. الفساد آفة استفحلت في المجتمع.. ولن تجد اليوم من يقدم لك خدمة دون ان يقول لك (كم تدفع).. بالامس كان العراقيون يتسابقون لتقديم العون لجارهم واليوم يكيلون له التهم..
لا النخب المثقفة قادرة على حماية مجتمعنا ولا السياسيون.. الجميع يتفرج على الجسد المطعون بشتى خناجر الفساد، وشر البلية ان الجميع يدّعي محاربة الفساد!
لكي نحارب الفساد علينا البدء بانفسنا، ننحي جانباً النفس الامارة بالسوء، ونتصالح مع النفس اللوامة.. نحاسب انفسنا ان اعطينا رشوة بكل مسمياتها، ونحاسب الاخرين ان قبلوها.. نقاطع من نشك انه بؤرة للفساد، لا نتعامل معه، لا نأخذ منه ولا نعطيه.. نعلن اسماء من يتعاطون الرشاوى، كل الاسماء مهما انتفخت كروشها وطالت ايديها، نفعل قانون من اين لك هذا.. ولا نترك المرتشي ولا الراشي بحجة العفو عند المقدرة، وفي حالات الفساد نلغي من رؤوسنا مقولة (عفا الله عما سلف) فمن السلف اخذت حقوق أناس هم احق بها، ومن السلف ضاعت مصالح الناس..
لكي نحارب الفساد علينا ان تكون افعالنا ضعف اقوالنا، وان لا نبرئ من اثرى على حساب الفقراء والمساكين.. علينا ان نغربل المؤسسات المتفشي فيها الفساد ونعاقب الفاسدين والمفسدين دون مجاملات ولا اخوانيات.
وعلينا ان نستنهض عراقيتنا الحقيقية وليست تلك التي تبوشت او تبوأمت وهجنت بعد حين تحت شعارات مختلفة، وعلينا ان نمزق كل الشعارات التي لم تشبع احداً، شعارات فارغة وخالية من اية فائدة لان الشعار الحقيقي هو في صدقنا مع أنفسنا وبهذا نكون قد اخلصنا لعراقيتنا التي لا تباع ولا تشترى.
24 مارس 2011
اترك تعليقا