عاشوراء.. الدم والسيف

ابتليت امتنا العراقية ببلاءات كثيرة ما ابتليت بها أية أمة من أمم الأرض، ونتحمل نحن فقراء الأمة العراقية تلك البلاءات ونصبر عليها صبراً جميلاً لا لأننا مؤمنون حدّ النخاع، أنما لأننا لا نمتلك الوسيلة الناجحة لصد تلك الأهوال أو في أقل تقليل تلافيها.. لهذا ترانا نقول لبعضنا أن شعبنا مبتلى لأنه شعب مؤمن، وهو ما ترسخ في ذاكرتنا الشعبية منذ (العصملي) حتى يومنا هذا.. فصرنا نسلّم امرنا للبلاء الإنساني وليس (القدري)، نقف أمامه بصدور مكشوفة حتى ينسفنا جميعاً وما يبقي على أحد منا، لا بل لا يدع لنا فرصة للتأسف او الندم أو العودة من حيث اتينا!.. يحاصرنا الموت في كل اتجاه ونحن ما زلنا نختلف على بيضة الدجاجة، هل البيضة جاءت قبل الدجاجة أم الدجاجة جاءت قبل البيضة.. تؤطرنا خلايا القتل والإرهاب ونحن نبحث تحت أسرّة بعضنا عما يثبت الخيانة.. تمتصنا شوارع البطالة والدمار ونحن نترصد حركات بعضنا عسى ان يفعل ما يغيض هذا او ذاك لنستل سيفاً صدئاً ونحتزّ رأسه.. للأسف صرنا هكذا في خضم السنوات الصعبة، العجاف، سنوات الفرار من الوطن، والفضيلة.. آسرتنا الأوراق الخضر، والوعود الرنانة من قبل الأمريكان في إرساء أسس الديمقراطية في وطن لم يستسغ الأبن فيه سماع قول أبيه..
تعود الينا أيام عاشوراء، وهي أيام عظيمة في معناها ومغزاها.. وجميل جداً أن تمتلئ المناطق الشعبية بالبيارق الملونة، حمراء وخضراء وسوداء.. ولافتات تشير الى عصر الشهادة، وتثبت للأجيال تلك الوقفة المشرفة التي شرفنا بها الأمام الحسين بن علي عليهما السلام، يوم وقف بوجه باطل الأرض ليذود عن الدين والعرض، قاتل المستبدين والطغاة وكان بإستطاعته ان يفعل كما نفعل نحن حين نقلب الدجاجة والبيضة.. وان يعود حيث الأمان، لكنه وجد الموت قاب قوسين منه أو أدنى، ورأى الجبابرة يتحدون مشيئة الرحمن بقتل النفس التي حرّم الله قتلها الا بالحق، ويأتون بالفاحشة في العلن، فأعلنها صرخة غاضبة، لا للذل، لا لطغاة الأرض، ومثلما عاش كريماً، استشهد كريماً، عزيزاً، طاهراً، وانتصر بأستشهاده الدم على السيف في واقعة الطف بكربلاء عام 61 هجرية.
علينا أن نضع الحسين الشهيد نصب أعيننا ونحن نتعامل مع حياتنا اليومية، ان نجعله نابضاً في أحاسيسنا ونحن نتحدث مع جيراننا وأهلنا وأخوتنا من كل الطوائف، أن نستذكر ذلك الطود الشامخ ونحن نؤسس لوطن جديد، وطن انتصرت فيه الضحية على الجلاد.

نشر في موقع الناس بتاريخ الأربعاء 24/1/ 2007

Share: