في الدائرة.. سلاماً يا وطن
وددت لو استطعت منحك الأمان يا وطني الملفّع بالتيه والموت..
وددت لو استطيع ان امنحك غصن زيتون وأكحّل عينيك بالحب بعد رحلة العذاب..
وددت لو استطيع تعويض سنوات حرمانك من الحياة الحرة الكريمة وارد اليك زهوك الذي غدا هشيماً ووهناَ..
وددت لو استطيع حمل احزانك مهما كثرت ومهما تعددت مصادرها،الأصدقاء/ اعمامنا وأخوالنا، من بعد ومن قرب.. من تجبّر او عفا.. من ضحك أو بكى.. من أراد لنا أن نقوم ثانية او من اراد ان نُدفَنَ والى الأبد..
وددت لو استطيع رسم صورتك الأولى يوم تجلى فيك الحب واستقر المقام بأبنائك..
وددت لو استطيع فعل كل ذلك ولكن هيهات، فما يبنيه الأبناء في النهار يسحقه خفافيش الليل ممن حملوا فؤوسهم لاقتلاع خضرتك.. هيهات من كل ذلك، أنت تجوب سنواتك بحثاً عن لقمة حلال!!
مرة، قال صديق شاعر: ماذا لو حملت وطني بعيداً عن ضجيج الحروب.. وزوقته بألوان تليق بأمجاده.. لكنه غادرنا حاملاً نعشاً من قصب حيث مقابر المجهولين..
لم يكن بمقدورنا انقاذك يوم حمل الطارئون عليك واجهزوا على ما بقي منك من طهر وجمال..
لم يكن بمقدورنا -حينها والآن- أن ندفع عنك البلوى والبؤس والشقاء بعدما استحال كل شيء فيك حطاماً..
ليس علينا -وللأسف الشديد- الا ان نصلي من اجلك صلاة الغائب!! بعد ان سدّت الحلول بوجهك المصفرّ بفعل آلة الدمار تلك التي يحملها ملثمو الوطن المباح..
غريب حقاً ان يموت في اليوم الواحد عشرات العراقيين في وقت يتحدث ساسة عراقيون عن حقوق الإنسان فيما يخص من ألقي القبض عليه متلبساً بجريمة قتل عراقيين مع سبق الإصرار والترصد ليطالبوا بمراعاة حقوقهم وتحسين سجونهم وتوفير ما لذّ وطاب لهم متناسين أنهم أزهقوا أرواح عراقيين آمنين..
أطفال، ونساء، وشيوخ.. يعذّبون في دهاليز مظلمة ويقتلون كما كان يحدث في الماضي، دون أن يرف لحقوق الإنسان جفن، لا من قريب ولا من بعيد، ويكتفى بالإشارة الى عذابات العراقيين ومقابرهم الجماعية التي لم تنته حتى بعد ان رصدت مئات المقابر على طول مساحة الوطن العراقي الجريح..
لله درك يا وطن العذابات الكبيرة.. لله درك يا وطن الكبرياء… لا أستطيع ان اقول في حضرتك الا (سلاماً يا وطن)!
نشر ضمن عمود في الدائرة
اترك تعليقا