مراسلو وسائل الاعلام العراقية.. سبل النجاح والفشل!
كثيرة هي أخبار العراق التي تتناولها وسائل الاعلام المختلفة وتكاد تكون الأهم بين أخبار الشرق الأوسط والعالم وقد أخذت مساحة كبيرة من الزمن في التناول.. وبالوقت الذي يتسابق فيه الاعلام العربي على نقل كل صغيرة وكبيرة عن الوضع العراقي بغض النظر عما يُنقل، سلبي كان أم ايجابي، نرى اعلامنا العراقي يدور في دوامة واحدة، وكأنك تسمع صوتاً واحداً ونبرة واحدة.. وهذا الأمر يشمل الجناحين المتناقضين في الاعلام، مع وضد العملية السياسية في العراق!
ما يعنينا هنا المراسل الصحفي، تلك الركيزة المهمة في أية وسيلة اعلامية، حيث من خلالها يمكن ايصال المعلومة من مصدرها دون انحياز لهذا اوذاك.. ولكن، كيف يتعامل مراسلو وسائل الاعلام العراقية مع الخبر..؟
للاجابة على هذا التساؤل عليك –عزيزي القارئ- ان تشاهد القنوات التلفازية وتقرأ الصحف اليومية وتتابع وكالات الأنباء عندها ستجد الموضع الذي يمكن ان تضع فيه مراسلينا ..
أغلب المراسلين هم نتاج المرحلة الجديدة، وهذا أمر لا بأس به، وأغلبهم لا يتصفون بأدنى مواصفات يمكن ان يتحلى بها أي صحفي أو مراسل..
هناك من يعتمدون على المؤسسات وفتاتها من الأخبار، يتركون أرقام هواتفهم لمسؤولي اعلام تلك المؤسسات ليتلقوا الخبر وينقلونه (كما هو) دون أن يتأكدوا من المعلومة وأهميتها وانحيازها وتزويقها للمسؤول الفلاني و(الخبير) العلاني وهم (ببغاوات صحافة!).
وهناك من يأتيه الخبر جاهزاً من خلال قراءته الصحف (يلطشه) من الصحيفة او الموقع الالكتروني وينقله باخطائه الاملائية والاسلوبية والمعلوماتية وهم (حواسم صحافة)! كثيرة هي التقارير التي (تلطش) من مقالات لكتاب مرموقين دون ان يكلف هذا الذي توهم بأنه مراسل نفسه ذكر أسم الكاتب ومصدر التقرير!
وهناك من يزوق ويروج لأسماء باهتة في المجتمع وينقل معلومة غير صحيحة لتجد ان كل أخباره تخص (فلان الفلاني) حتى اذا ما غادر هذا (الفلاني) موقعه راح يبحث عن اسم باهت آخر ليروج له ويزوقه ويجعل منه بطلا!
قليلون هم من يصتعون الخبر، فالخبر صناعة قبل كل شيء، ولا يكتفون بنقله أنما يتابعون تداعياته في الايام التالية، ويقدمون للقارئ والمستمع والمشاهد مادة (دسمة) يمكن ان تضعه بالصورة المرجوة.. وينتقون من مفردات اللغة أيسرها، ومن اسلوبها الأقرب الى نفس المتلقي، يبتعدون عن (الحشو) ويقتربون من المعلومة، يحسنون الالقاء ويلفظون المفردات بصورتها الصحيحة، لا ينصبون فاعلا ولا يرفعون مفعولا به أو فيه، ولا يلحنون، يعرفون ابجديات اللغة، ويمتلكون ثقافة عامة، يعرفون بلدهم بتاريخه واعلامه ومثقفيه، يقرأون كثيراً ليمتلئ بئر ذاكرتهم بالمعلومات المهمة، يحفظون ولو آية او حديث او حكمة او بيت شعر ليثقفوا ألسنتهم، يقتفون اثر من سبقهم في الصحافة والاعلام..
نحن أمام كم هائل من المراسلين الذين هم بحاجة الى تعليم وتقويم وخبرة.. ورغم الدورات الكثيرة داخل وخارج العراق الا ان (أمية) الاعلام ما زالت متفشية.. والمسؤولية تقع بشكل رئيس على القائمين على وسائل الاعلام التي يعمل فيها مراسلون من هذا النوع دون ان تنبههم باخطائهم وعلاتهم وكوارثهم اللغوية..!
علينا ان نعيد النظر بشبكة المراسلين وأن نفتح الطريق أمام المهنيين الحقيقيين الذين لم يجدوا فرصة وسط هذا التشبث المحموم بوسائل الاعلام من قبل المبتدئين وعلى تلك الوسائل ان تضع (كلمن طينته بخده) كما يقول المثل العراقي العامي وان لا تصنع من أناس لا علاقة لهم بالصحافة والاعلام مراسلين لا هم لهم الا الركض خلف هذا المسؤول أو ذاك.
الحوار المتمدن-العدد: 2627 – 2009 / 4 / 25
اترك تعليقا