محاكمة صدام جرعة ما قبل الإنتخابات
جولتان انتهتا من الفصل الأول لمحاكمة صدام حسين ذلك الفصل الذي خصص لحادثة منطقة الدجيل وفي الوقت الذي استمرت فيه الجولة الأولى منه يوم واحد استمرت الثانية الى مدى ثلاثة أيام وأجلت الى جولة أخرى لا ندري هل ستكون هي الجولة الحاسمة أم ستتبعها جولات بعد ان يزداد عدد الشهود والمشتكين.. الجولتان الماضيتان تزامنتا مع إجراء الإستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية التي يشتد وطيسها وتتقاذف حممها بعد بدء العد التنازلي لإجرائها..ولا ندري وربما يدري غيرنا من العارفين بطلاسم سياسة المحتلين الأميركان (كونهم عرابي القرن الحادي والعشرين للشعوب الضعيفة والمقهورة والمسلوبة ارادتها) لماذا يتم اختيار تلك الأرقام من الأيام لإجراء المحاكمة حيث اننا على يقين تام انها لم تكن مصادفة ولم توضع على أساس التعريف بالقضاء العادل النزيه انما هناك كثير من الأمور قد تغيب عن الناس الذين وقفوا حانقين ومتوترين طيلة ساعات المحاكمة حتى كادت صدور تنفلق من أماكنها فرط الغيض.. المهم ان الجلسات التي عرضتها فضائيات العرب والأجانب الى جانب الفضائيات العراقية كانت طبيعية وهادئة باستثناء القذف والتشهير من هذا الطرف او ذاك والخطب الرنانة للمتهم الذي ما زال يظن انه يقود العراق وما زاده ظنوناً كلمات محامي الدفاع التي يطلقها بين حين وآخر واصفاً إياه بـ (سيادة الرئيس)و(الرئيس العراقي)و(رئيس الجمهورية).. نعرف جيداً أن المحاكمة هي فصل جديد من سياسة جديدة، وهي خطوة لا بد منها وربما الإسراع بها يأتي لامتصاص نقمة الشارع العراقي على أناس اضطهدوه طيلة عقود ثلاث من حكم البعث.. وهي فصل جديد حقاً وممل خاصة وان الحقائق التي كان يتحدث بها المشتكون والشهود هي واقع عراقي تجرعه كل أبناء العراق لكن المحكمة تريد اثباتاً بالقتل الجماعي والإبادة الجماعية.. المحكمة لا يهمها العواطف وما لحق بالناس من آلام هي تريد الأوراق الثبوتية على وقوع الجريمة فكيف بنا ونحن أمام جرائم كثيرة بلا أوراق ولا مقابر.. ولأني لست مضطلعاً بالقانون الا أني افهم القانون على أساس انه الوسيلة الوحيدة لإرجاع الحق المدني للناس فكيف يتم ذلك اذا علمنا ان ذاك الحق لا يمكن إرجاعه الا بأوراق ثبوتية.. كلنا سمعنا المشتكي والشاهد (دال) وهو يصيح (من أين لي بورقة وفاة لولدي لقد أخذوه مني ولم يعد للآن!!) هذه واحدة من الحقائق التي تشمل جميع العراقيين واذا كانت الشكوى بتلك الصورة التي قدمها المشتكون في حادث الدجيل فللعراقيين جميعاً الحق في تقديم شكاواهم بتلك الطريقة..
لا نريد ان نطيل لكننا نتساءل عن توقيت المحاكمة باعتبارها جرعة ما قبل الانتخابات وما بعدها قد تشغل المواطن بعض الشيء وقد تمده بالثقة في أن السنوات القادمة ستكون سنوات عدل ومساواة وديمقراطية (ليست على الطريقة الأميركية) وان العراق الجديد هو عراق النزاهة يكون فيه الناس (سواسية كأسنان المشط) وان الحاكم والمحكوم يقفان جنباً الى جنب أمام القضاء حتى يحكم بينهما..
الحوار المتمدن-العدد: 1393 – 2005 / 12 / 8
اترك تعليقا