في الدائرة..امتحانات الفوانيس
كل شيء في العراق يشير الى البطولة والتضحية والفداء، وكل شيء صغيراً كان ام كبيراً يشير الى ان مستقبلاً مشرقاً ينتظر الصابرين الغافين على إيقاع البطون الخاوية.. وليس أدل على ذلك من الصمود الجبار لشعب كل ما يدور حوله هو موت ودمار وقتل لكنه وقف بكبرياء تشد إزره الأرض التي حملته كرهاً طيلة تلك السنوات العجاف.. واليوم يدخل فلذاتنا مدارسهم ليأدوا الامتحانات النهائية وهي امتحانات فيها من الصعوبة لا يمكن تحمله بدءاً بالجو العام وانتهاء بمادة الدرس.. ابناؤنا يدرسون ويراجعون دروسهم وسط ظروف نفسية قاسية، يفتحون كتبهم نهاراً تحت ظل جو خانق، وحرارة قد تصل الى 40 درجة مئوية، بلا هواء، ولا كهرباء لكنهم يتحملون ذلك من اجل ان يقولوا للعالم نحن نجحنا بعد ان أردتم رسوبنا.. نجحنا مثلما نجح آباؤنا في امتحانات دولتهم الجديدة وفي تجربتهم الديمقراطية الجديدة.. نجحنا رغم انف من اراد أن تتوقف عجلة الحياة في عراق الحياة.. فلذات الأكباد يمتحنون أنفسهم في تلك الظروف القاهرة.. يسهرون الليالي بلا ضوء، يقرأون على ضوء الشموع والفوانيس.. يشربون الماء الحار في الجو الحار.. يكابرون من اجل ان يُفرّحوا الآباء والأمهات.. ولسان حالهم يقول: لا حاجة لنا بالماء البارد، ولا لمكيفات الهواء، ولا للكهرباء.. يكفي ان لنا عراق جميل رغم خرابه، ويكفينا ان الطيبين من أبناء هذا الوطن ما زالوا يعملون ليلاً ونهاراً بينما الأشرار يحاولون تحطيم كل شيء..
بدأت امتحانات هذا العام مثلما بدأت وانتهت امتحانات العام الماضي والذي قبله، وينتظر الجميع الحصاد المثمر ان شاء الله وموعد قطاف الأمل الكبير في النجاح بإذن الله تعالى.. ونحن نهمس في آذان أولئك التلاميذ النجب: أسسوا لدولتكم الجديدة، وابنوا عراقكم الصابر بصبركم وإصراركم على النجاح.. لا نرضى بغير النجاح فهو قرينكم يوم فرّ من حولكم الآخرون، يوم ادلهمت الدنيا بما فيها وكأنها تشاطركم حزنكم وآلامكم.. كونوا ابناء بررة لوطن بار لنطمئن على مستقبل وطن الدماء الطاهرة والفوانيس .
2004
اترك تعليقا